قال شيخ من قريش: مرَّ الإسكندر بمدينة قد ملكها سبعة ملوك وبادوا، فقال: هل بقي من نسل الملوك الذين ملكوا هذه المدينة أحد؟
قالوا: نعم، رجل يكون في المقابر.. فدعا به فقال: ما دعاك إلى لزوم المقابر؟
قال: أردت أن أعزل عظام الملوك عن عظام عبيدهم فوجدت عظامهم وعظام عبيدهم سواء.
قال له: فهل لك أن تتبعني فأحيي بك شرف آبائك إن كانت لك همة؟ قال: إن همتي عظيمة إن كانت بغيتي عندك.
قال للإسكندر: حياة لا موت فيها، وشباب ليس معه هرم، وغنى لا فقر بعده، وسرور بغير مكروه، قال: لا، قال: فامض لشأنك ودعني أطلب ذلك ممن هو عنده ويملكه.. قال الإسكندر: هذا أحكم من رأيت.
مصير ظالم:
قال القاضي المعافى بن زكريا: حكى لي بعض إخواننا أن بعض الظلمة المترفين جلس يوما من الأيام في موضع من داره، وعنده جماعة وظهر منه ظلم أسرف فيه، ثم إنه لم تطل أيامه حتى هلك.
فجلس مكانه رجل، وشرع في مثل ظلمه فقال له بعض من يرام ظلمه ممن حضر مجلس الذي كان قبله:
في مثل ذا اليوم في هذا المكان على ... هذا السرير تدلى السر فاصطلما
قال: فانكسر وأقصر.
يقول القاضي: اللهم فاجعلنا ممن يتأمل العبر، ويخشى الغير، ويستعد لليوم الذي وصفه في كتابه وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن ينذرهم إياه إذ يقول: " وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل، أو لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال.. وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وبينا لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ".
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟الحسن بن علي عند الموت:
لما حضرت الحسن بن علي الوفاة كأنه جزع عند الموت، فقال له الحسين رضي الله عنهما كأنه يعزيه: يا أخي ما هذا الجزع؟ إنك ترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عليّ رضي الله عنه، وهما أبواك، وعلى خديجة وفاطمة وهما أماك، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك، وعلى حمزة وجعفر وهما عماك.
فقال الحسن عليه السلام: أي أخي إني أدخل في أمر من أمر الله لم أدخل في مثله، وأرى خلقا من خلق الله لم أر مثله قط، قال: فبكى الحسين صلى الله عليه.
يقول القاضي: أشد الناس خشية لله جل وعلا أعظمهم طاعة له وأجدهم في عبادته، وهم ملائكته وأصفياؤه وأنبياؤه.
وقد قال جل ثناؤه في صفة من ذكر من ملائكته المقربين إنهم: " عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون. يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ".. وقال: " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون. أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون " .