تطلقت أختي قبل 5 أعوام وهي الأخت الكبرى لنا، فنحن  ولد وبنتان، أشقاء،  وجميعنا في الثلاتينيات من العمر.

المشكلة أن أختي  بحثت عن عمل بعد الطلاق وبالفعل وجدت عملًا جيدًا كانت تنفق منه على نفسها وابنتها المراهقة، لكنها منذ عام فقدت العمل، وهي  بلا نفقة من طليقها،  ومن ثم أصبحت محتاجة للمال، فأصبح يساعدها والدي وفق استطاعته الضئيلة، لذا  تبقى أغلب احتياجاتها الضرورية هي وابنتها ناقصة،  أما أخي  الميسور المغترب خارج البلاد منذ 20 عامًا، فهو يعطيها زكاة ماله، مما أشعرها بالانكسار والحزن،  ودفعها للانعزال وكثرة البكاء.

فما الحل لهذه الحالة، وكيف أساعد أختي للخروج منها؟

الرد:

مرحبًا بك يا عزيزتي..

قلبي معك وأختك.

لاشك أن مشكلة الأمهات المعيلات من أكثر المشكلات المجتمعية قسوة، لا علاج ناجع لدى القوانين ولا الأسر ولا أطراف المشكلة، الجميع يترك الامهات المعيلات يواجهن الواقع القاسي والمظالم الشديدة.

أعرف أن أختك يا عزيزتي ضمن آلاف من الأمهات المعيلات من يقفن وحدهن في مواجهة الضغوط والمصاعب، وأتفهم كسرها وأقدر مشاعرها كلها فهي محقة فيها.

من أسف أن يكون لدى أخيك  مالًا وينتظر حتى يحول عليه الحول ليعطي أخته، ومؤسف أن ينتظر الأخ ليعطي أخته المحتاجة وسخ ماله وهو يعلم احتياجها، ومصيبتها في عدم قدرتها على تسديد احتياجاتها المادية وابنتها.ومن أسف أن يزيد الأهل الطين بلة، بدلًا من أن يكونوا الظهر والسند والدعم، ولا يريقوا ماء الوجه هكذا.

فلو أن علاقتك بأخيك طيبة وتسمح لك بالحديث بدون تحسس معه حول هذا، تحدثي معه، وأخبريه عن توقعاتهم منه، كرجل، وأخ، واشرحي له وضع أختك فربما لا يعرف التفاصيل،  وعليه هو أن يشرح أيضًا أوضاعه المالية، ويوضح مدى قدرته على مساعدته أخته  ودعمها حتى تقف على قدميها، وألا يخذلها هكذا.

تحتاج أختك يا عزيزتي إلى التعبير عن مشاعرها بدون دفن ولا كبت ولا انكار،  وفي الوقت نفسه  "قبول" و "حب" نفسها، بضعفها، وانكساراتها، كما تقبلها  بقوتها، وشجاعتها في مواجهة الضغوط والتحديات طوال عمرها ، وأن تعلم أن  كل ما في الأمر  أن "شكل" التحديات تغيّر، وأصبح عليها التكيف وفق هذا التغيّر والتعامل معه على أنه "طاريء" ومؤقت ولن يستمر.

تحتاج أختك للحديث مع نفسها بشكل ايجابي، هكذا، لأنها تستحق كل التقدير والاحترام والاهتمام والقبول، ولن يمنحها أحد هذا كله ما لم تمنحه هي لنفسها أولًا، مهما تكن الظروف، فعليها أن  تتذكر انجازاتها بعد الطلاق، وما حققته من نجاح قبل فقد العمل، على الرغم من مصيبة الطلاق، وتكتب هذه الانجازات،  لتذكر نفسها بأنها قوية، وتقدر ذاتها،  وأن الله عند ظن عبده به، فتحسن الظن وتستبشر بالفرج، فكلما ضاقت حلقاتها، فرجت.

على اختك أن تصدقي في نفسها، وأنها ستقوم وتقف على قدميها من جديد وستجد عملًا آخر،  فالحياة مراحل، ومنحنيات، صاعدة، وهابطة، ويحدث هذا للجميع.

الحياة خسائر ومكاسب، نكبات وبشريات، أحزان وأفراح، هذه الثنائيات المتضادة هي الحياة باختصار،  وهي في واحد منها الآن، ولا مرحلة تدوم، أو تصفو تمامًا.

تحدثي مع أختك في هذا لتدعميها وتقويها يا عزيزتي،  ويتغير افكارها وتصوراتها عن نفسها،  حتى تتغير مشاعرها وسلوكياتها،  ولا تستسلم للأفكار السلبية  فتغزو عقلها، وتسيطر هكذا، ومن ثم تتبعها مشاعرها فتلونها السلبية هي الأخرى وتتبعها تصرفاتها  فتنعزل.

كل الخسارات تعوض إلا خسارة النفس، فشجعي أختك على الالتحاق بإحدى مجموعات الدعم النفسي،  ولا بأس من طلب المساعدة النفسية المتخصصة من معالجة نفسية للصدمات، حتى يمكنها التعامل مع صدمة الطلاق، وفقد العمل، والصمود، والعودة من جديد للبحث عن عمل.

لو اتبعت أختك هذه الاقتراحات يا عزيزتي وتمكنت من تنفيذها فلن تأبه عندها لدعم أهلك، وطريقته، وحدوثه من عدمه، ولن تتحكم فيها الانفعالات والمشاعر كما هو الأمر الآن، وستتغير استجاباتها  تجاه كل المواقف.

ودمت بكل خير ووعي وسكينة.

اقرأ أيضا:

اقرأ أيضا: