بقلم |
محمد جمال حليم |
الجمعة 10 يونيو 2022 - 07:30 م
وردت أحاديث تبين حكم النوم منفردًا وكذا السفر منفردا سواء للرجل أو المرأة وذلك أن النوم والسفر بهذه الهيئة قد يترتب عليه مضار تعود على صاحبها بالضر. حكم النوم والسفر منفردا: فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن مبيت الرجل وحده في بيته، ففي مسند أحمد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة، أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده. قال المناوي في فيض القدير: "أن يبيت الرجل" ومثله المرأة "وحده" أي في دار ليس فيها أحد. وعلى هذا، فأقل أحوال ذلك الكراهة، وقد نص عليها فقهاء الحنابلة، فينبغي لهذا الرجل حينئذ أن يبحث عمن يبيت معه، أو من يبيت عنده، ولا إثم عليه في المبيت وحده. أدلة النهي على السفر والنوم منفردًا: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك في أحاديث، منها : 1- عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ) رواه البخاري وقد أخرج الإمام أحمد في "المسند" هذا الحديث بزيادة فيها:(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْوَحْدَةِ أَنْ يَبِيتَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ)، إلا أن هذه الرواية تعتبر شاذة. ومن الأحاديث عن التي تبين حكم السفر منفردا ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ ) رواه الترمذي، وقال حديث حسن . وحسنه ابن حجر في "فتح الباري"، والألباني في "السلسلة الصحيحة. علة النهي عن النوم والسفر منفردا: هذه الأحاديث تدل على كراهة الوحدة فيما يخشى المرء فيه على نفسه ، من ضعف وهلكة ومشقة ، أو ما يخشاه من إغواء الشيطان وإضلاله ، فإن الفائدة من وجود الرفقة والصحبة الصالحة لا تقتصر على الإعانة والمساعدة ، بل الأهم أنها تثبت على الخير والتقوى ، فإن الشيطان من الاثنين أبعد ، وهذا يعني أن الواحد لو مات في سفره ذلك لم يجد من يقوم عليه ، وكذلك الاثنان إذا ماتا أو أحدهما لم يجد من يعينه، بخلاف الثلاثة ، ففي الغالب تؤمن تلك الخشية " والظاهر من الحديث أن النهي وارد على من يسافر في الطرق الخالية الموحشة، أما الطرق الآهلة ، والتي يأمن فيها المرء ألا تنقطع به السبيل، ولا يعدم معينا ولا أنيسا، فلا يرد الكراهة ولا النهي عنه، ومثله السفر في أيامنا هذه في الطائرات أو السفن أو الحافلات، لأن من فيها كلها يعتبرون رفقة، فلم يتحقق وصف الوحدة المنهي عنه .