المنافق.. أكثر إنسان متقلب، يخشاه الناس ويبتعدون عنه لسوء خلقه، وقد جاء نصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن علامات المنافق، أولهما قوله: «آية المنافق ثلاث.. إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان»، والآخر قوله عليه الصلاة والسلام: «أربع من كن فيه كان منافقا، ومن كانت خصلة منهن فيه كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدَعها: من إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر».
فأي صفة من هذه الصفات هي الأخطر؟، لو تأملنا الأحاديث الواردة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، قليلاً، لعلمنا أن الفجر في الخصومة ربما هي أخطرها، ذلك أنها تحمل في طياتها بقية الصفات، فمن فجر في الخصومة، سيكذب وسيخلف وعده، وسيخون الأمانة.
أسوأ الأخلاق
الفجر في الخصومة من أسوأ الأخلاق على الإطلاق، إذ أن صاحبها يستبيح لنفسه الخوض في أعراض غيره، ويتفوه بما ليس فيه، بل ويصل الأمر حد الظلم والافتراء عليه بما لا يمكن تصديقه، ويمشي بين الناس يحدثهم بذلك، لكن الله له بالمرصاد، ذلك أنه يدافع عن المؤمنين.
يقول تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ» (الحج 38).
ولا يدري الفاجر في الخصومة، أنه يأتي بكل ما حرم الله، وأولها أنه يكذب لكي يفتري على الناس بما ليس فيهم، فهو إذا خاصم غيره وحاكمه إلى القاضي في خصومة مالية أو حقوقية فإنه يفجر بأن يكذب ويدعي ما ليس له، أو ينكر ما كان عليه, فالكذب طريق إِلَى الفجور كما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِيْ إِلَى الْفُجُوْر, وَإِنَّ الْفُجُوْرَ يَهْدِيْ إِلَى الْنَّارِ».
المجادلة بالباطل
والفاجر في الخصومة هو من يعلم يقينًا أن الحق ليس معه فيجادل بالباطل، فيقع فيما نهى عنه الله جل وعلا بقوله: «ولاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ» (البقرة:188).
وفي ذلك يقول أهل العلم: "هذا في الرجل يخاصم بلا بينة ويعرف أن الحق عليه"، والفاجر في الخصومة يسبق لسانه عقله وطيشه حلمه، وظلمه عدله، ترى لسانه بذيء، وقلبه دنيء، يتلذذ بالتهم والتطاول والخروج عن المقصود، وتراه يزيد على الحق مائة كذبة، وترونه كالذباب لا يقع إلا على المساوئ، ينظر بعين العداوة فقط، ولا يعرف للفضل سبيل.
وينسى الفاجر في الخصومة أن الله عز وجل يأمر بعكس ذلك تمامًا، إذ يقول سبحانه: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» (النحل:90).
اقرأ أيضا:
الحكمة من مشروعية الحج.. فوائد جمة للفرد والأمة