خالد بن الوليد، ذلك الصحابي الجليل الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سيف الله المسلول، ولمّ لا وقد كان والده سيدًا في قريش، ولُقب بريحانة قريش، كما يلتقي نسبه بالرسول -عليه الصلاة والسلام- بمرة بن كعب، وله مشاهد في القتال لم يشهدها أحد قبله ولا بعده، حتى أنه قبل إسلامه نجح في قيادة قريش في غزو أحد، إلا أنه بعد إسلامه قاد المسلمون لانتصارات قد لا يجد التاريخ شبيهًا لها يومًا.
إلا أنه ورغم كل ذلك، مات على فراشه، وهو ما يُعد عجبًا لفارس لم يترك سيفه يومًا، حتى أن خالدًا لما احتضر بكى، وقال: «لقيت كذا وكذا زحفاً، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء»، فلماذا لم يمت خالد بن الوليد شهيدًا؟.
سيف الله المسلول
ويبين العلماء أن أن الحكمة من موت خالد بن الوليد رضي الله عنه، على فراشه مع صِدقه في طلب الشهادة في سبيل الله في مواطنها وتحت ظلال السيوف في أكثر من مائة وعشرين معركة حامية الوطيس، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، كان قد لقب خالدًا بأنه (سيف الله المسلول)، فإذا قُتل في معركة فقتلهُ يعني كسر سيف الله، وسيفُ الله لا يُكسر أبدًا، حتى لا يقول الناس: (قُتِل سيف الله وكُسِر، بل اختار الله لهُ أن يموتَ على فراشهِ).
وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: نَزَلْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مَنْزِلًا فَجعلَ الناسُ يَمُرُّونَ فيقولُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مَنْ هذا يا أبا هريرةَ فَأَقُولُ فلانٌ فيقولُ نِعْمَ عبدُ اللهِ هذا فيقولُ مَنْ هذا فَأَقُولُ فلانٌ فيقولُ بئسَ عبدُ اللهِ هذا حتى مَرَّ خالدُ بْنُ الوليدِ فقال مَنْ هذا قُلْتُ هذا خالدُ بْنُ الوليدِ فقال نِعْمَ عبدُ اللهِ خالدُ بْنُ الوليدِ سَيْفٌ من سُيُوفِ اللهِ، ويروى أيضًا أن رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم لما نعى أهل مؤتة قال ثم أخذ الرايةَ سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتَح الله عليه.
اقرأ أيضا:
أبو بكر "قلب الأمة الأكبر" بعد النبي و" أمير الشاكرين"حزن خالد
لذلك فقد مات خالد بن الوليد حزينًا لأنه لم ينل الشهادة، وقال قولته الشهيرة (فلا نامت أعين الجبناء)، فقد كان موت خالد بن الوليد، رضي الله عنه، في مدينة حِمص، وذلك في سنة إحدى وعشرين هجرية، بعد حياة طويلة مملوءة بالبذل والتضحية والجهاد في سبيل الله..
نام سيف الله على فراش الموت حزينا على أنه بعد تلك المعارك التي خاضها لم يمت شهيدًا، ويكفيه، رضي الله عنه، قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه، ويروى أنه لما حضرت خالد الوفاة، قال: لقد طلبت القتل في مظانه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي. وما من عملي شيء أرجى عندي بعد التوحيد من ليلة بتها وأنا متترس، والسماء تهلني ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار.. ثم قال: إذا مت، فانظروا إلى سلاحي وفرسي، فاجعلوهما عدة في سبيل الله، فلما توفي، خرج الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، على جنازته، فذكر قوله: «ما على آل الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعا أو لقلقة»، وفي رواية: «وما عليهن أن يبكين أبا سليمان».