أخبار

مع ارتفاع درجة الحرارة احرص على هذه العبادة الرائعة.. سقي الماء

ما الذي يسبب حصوات الكلى وهل تحتاج لعملية جراحية؟

دعاء عظيم في زمن الفتن والحروب

أنا فتاة متدينة وفعلت جرمًا عظيمًا ثم أصبت بمرض شديد.. هل هذه عقوبة من الله؟

اللاءات التسعة في سورة ”الكهف.. تعرف عليها لتصحيح منهج حياتك والفوز بالجنة

الدعاء عندما يشتد بك البلاء وتقع عليك المصيبة

"وعلى ربهم يتوكلون".. اجعلها ذخرًا لك حتى الموت

لمن ارتدت الحجاب في رمضان وخلعته بعده؟.. تعرفي على الحكم الشرعي

هل فكرت يومًا أن تكون في هذه السعادة أمام جميع الخلائق؟!

من أراد راحة البال وطمأنينة القلب فليتعامل مع الله بهذه الطريقة الرائعة

تسلية لكل مهموم ولكل مظلوم.. كيف واسى الله قلوبنا بهذه السورة؟

بقلم | أنس محمد | الاثنين 29 يناير 2024 - 07:35 ص

في ظل معاناة أغلب الناس في الوقت الحالي من الخوف والاكتئاب والقلق على المستقبل، حينما تفتح المصف وتقرأ في القرآن الكريم، سورة الشرح، التي واسى بها ربنا تبار وتعالى قلب النبي بعد حرب قومه عليه، وإساءتهم له، تجد أن السورة لم تكن تسلية لقلب النبي صلى الله عليه وسلم فقط، ولكنها تسلية لكل مظلوم، ومهموم، وبداية لانشراح الصدر والكشف عن سر السعادة في الدارينِ الدنيا والآخرة.

فضيقُ الصدرِ يُصِيب المرءَ بالحيرة والقلق والتوتر، وعدم القدرة على المُضِيِّ قُدُمًا في الحياة نتيجة الإصابة بالاكتئاب والخوف، بل قد يصيب المرءَ بالخمول والكسل، والتخاذل عن القيام بمهامه؛ نتيجة عدم الرضا بقضاء الله، كما أن ضيق الصدرِ هو علامةَ على عدمِ الفهم للأمور المشاهدة أو فقدان القدرة على تحليلها التحليل الصحيح أو عدم الرضا والاستسلامٍ لأمر الله تعالى وهو ما يقع فيه الساخطون.

 والإنسان يصاب بالقلق والخوف والارتباك، نتيجة تعرضه للظلم أو الإهانة، أو وقوعه في الهم والحزن، لذلك إن لم يجد الأمل والرغبة في البقاء زهد عن الحياة ولجأ للانتحار، في ظل ملاطمةِ الأمواج العاتيات، لذلك دل ربناا عز وجل كيف نتقوَّى على السباحة أو المجادفة بشيء من الثقة والأمل في نصر الله تعالى، للتغلب على هذه الحالة التي تدفع لليأس.

روشتة الإنقاذ


وقد كشف لنا الله سبحانه وتعالى روشتة الإنقاذ، من خلال سورة الشرح، قال تعالى: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 1 - 8].

 فأوَّلُ ما بدأ به الله تعالى لشرح صدر النبي صلىالله عليه وسلم ، وصدورنا جميعا والذي يجب أن نحمد ربنا عليه، لأتنه الأساس إلى الراحة الأبدية، والنعيم المقيم، كان بهدايتِه وهدايتنا به للإسلام، فالحائر بين الضلالات لا يهتدي إلى أيٍّ منها، وإنما يجد في الإسلام هدفه المنشود، فإذا وجده انشرح به صدرًا، فانشراح الصدر علامةُ دخول الإسلام قلبَ المؤمن، قال - سبحانه -: ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ [الأنعام: 125].

و يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ذاق طعم الإيمان مَن رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً)).

 وفي الجهة المقابلة مَن يجد في صدره ضيقًا، فذلك علامة سلوك طريق لا يؤدِّي إلى الإسلام، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام: 125]؛ حيث يستشعرُ من ضيقِ صدره وكأنه يصَّعَّد إلى أعلى؛ حيث يصعُبُ التنفُّس، وتضطرب ضربات القلب، هذا هو الوصف القرآني لمن يضيق صدره بالبعد عن الإسلام.

 لذلك من نعم الله علينا نحن المؤمنون إننا في حالة انشراح دائمًا، سواء أكنا في نعمة أم في ابتلاء؛ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((عجبًا لأمر المؤمن؛ إن أمره كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاءُ شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له))؛ فالمؤمن منشرحَ الصدر دائما وفي كل الأحوال، إما بالشكر على النعمة وإما بالصبر على البلاء والرجاء في فك الكرب والأمل في الفرج.


نور في القلب 


فهذا الانشراح الذي يشعر به المؤمن هو نورٌ يقذِفُه الله في قلبه ليسلي قلبه قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [الزمر: 22].

 فقد أراد الله تعالى أن ينزعَ حظَّ الشيطان من قلب نبيِّه صلى الله عليه وسلم ليظلَّ على الفطرة السليمة، ونظل معه على هذه الفطرة بهدايته صلى الله عليه وسلم.

وحدث انشرح الصدر للنبي بشق صدره، واستخراج حظ الشيطان منه، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتاه جبريل -صلى الله عليه وسلم- وهو يلعَبُ مع الغِلمان، فأخذه فصرعه فشقَّ عن قلبه، فاستخرج القلب فاستخرج منه عَلَقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طَسْتٍ من ذهب بماء زمزم، ثم لأَمَهُ، ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعَون إلى أمِّه - يعني: ظئرَه - فقالوا: إن محمدًا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون، قال أنس: وقد كنتُ أرى أثر ذلك المِخْيَط في صدره.

 ثم تأتي النعمة الثانية في الآيتين (2، 3) بقوله تعالى: ﴿ وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ ﴾:

ضاق صدرُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في أوَّلِ أمر الدعوة من إعراض المشركين عنه، وعدم استجابتهم للإسلام، ولم يجد منهم غيرَ الصدِّ عن سبيل الله، وليس بيدِه شيءٌ غيرُ تبليغ ما أُمِر به، وقد علِم الله عنه ذلك، فقال - سبحانه -: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ ﴾ [الحجر: 97]، وهذا الهمُّ الذي أصاب النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قد أصاب الدعاةَ كذلك حال رؤيتِهم إعراضَ الناس عن الحق، وكاد هذا الهمُّ وذلك الضِّيق يجعلُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يهمُّ بتركِ أمر هذه الدعوة، لولا أن الله ثبَّته على ذلك، يقول - سبحانه -: ﴿ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [هود: 12]؛ حيث أصابه حرجٌ كبير أن يستمرَّ في دعوته في الوقت الذي يستمر أهلُه وقومه في اضطهادِه واضطهاد مَن يتَّبِعونه، فإن لم يكن يخشى على نفسه، فإنه يخشى على أصحابه؛ لذا يقول - سبحانه -: ﴿ كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 2].

 وفي ظل هذه اللحظات الصعبة، تتحقَّق معية الله تعالى للذين آمنوا ليُثبِّتهم على الحق ويُثبِّتهم على الإيمان، فيَقذِف في قلوبهم انشراحًا في الصدر بعد الضيق الذي أهمهم، فيرفع عنهم أوزارَ وهمومَ هذه الدعوة، بشيءٍ من انشراح الصدر والتثبيتِ على الحق، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشعر أعباء هذه المسؤولية ووِزْرها، وكأنه يحمل أمَّتَه على ظهرِه الضعيف، الذي كاد ينقسم من هذا العبء، يقول - سبحانه -: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]، وكاد من تفلُّتِهم منه إلى النار أن يتحسَّر على ذلك، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مَثَلي ومَثَلُكم كمَثَل رجلٍ أوقد نارًا، فجعَل الجنادبُ والفراشُ يقَعْنَ فيها وهو يذبُّهن عنها، وأنا آخُذُ بحُجَزِكم عن النار، وأنتم تفلَّتون من يدي))، ولكن الله -تعالى- لطف به، فقال: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].

رفع ذكر النبي


وفي الآية (4) يقول تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾، فقد كان النبي في ظل إهانة الكفار له، واستمرارَ الإيذاء المعنويِّ من المشركين للنبي صلى الله عليه وسلم يُقَوِّد نجاحَه بين الناس؛ إذ كيف يكون رسولاً زعيمًا وهو بين قومه متَّهمٌ بالسحر تارة، والجنون أخرى، والكذب تارة ثالثة؟ فكان من الواجب أن يُرفَع ذكرُ النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الناس؛ حتى يتسنَّى لهم أن يقتدوا به.

أراد الله تعالى أن يُعوِّض نبيَّه صلى الله عليه وسلم في الدنيا نظيرَ ما لقِيه من إيذاءٍ معنوي ومادي، فرفَع له ذِكْرَه بين المؤمنين، قال العلماء: بأن تُذكَر مع ذِكْرِي في الآذان والإقامة والتشهُّد والخُطبة وغيرها.

 ثم تأتي آيات الفرج (5، 6) قوله -تعالى-: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾:

فقاعدة اليسر الذي يأتي مع العسر سُنَّة كونية، لا تتبدل إلى يوم القيامة، وجاء في الأثر : ما يغلب عسرٌ يُسْرَينِ، وكتب أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه - إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يذكُرُ له جموعًا من الروم وما يتخوَّف منهم، فكتب إليه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "أما بعد، فإنه مهما ينزل بعبدٍ مؤمن من منزل شدَّة يجعل الله بعده فرجًا، وإنه لن يغلبَ عسرٌ يُسْرَينِ"، هكذا فهم الصحابة - رضوان الله عليهم - هذه الآيات وطبَّقوها في حياتهم على هذا النحو: ﴿ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 7].

 وقال تعالى : ﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

وعن خبَّاب بن الأرَتِّ، قال: شكَوْنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسِّد بُرْدةً له في ظل الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا! قال: ((كان الرجل فيمَن قبلكم يُحفَر له في الأرض، فيُجعَل فيه، فيُجاءُ بالمنشارِ فيُوضَع على رأسه فيُشَقُّ باثنتينِ، وما يصده ذلك عن دينه، ويُمشَّطُ بأمشاطِ الحديد ما دون لحمِه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، واللهِ ليُتمَّنَّ هذا الأمرَ؛ حتى يسير الراكبُ من صنعاءَ إلى حضرَموتَ لا يخافُ إلا اللهَ أو الذئبَ على غنمِه، ولكنكم تستعجلون)).

 ثم يختم الله بعد الفرج بالآية (7، 8) : ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾، إشارة إلى ترتيب المؤمن لواجباته بحسب الأوقات، وكيف يجمع المسلم بين أعمال الدنيا وأعمال الآخرة؛ إذ هو مشغول طوال النهار بالمعاش والسعي لكسب الرزق، ولا شك أن هذا العمل وإن عُدَّ من أعمال الدنيا إلا أن فيه تقربًا لله تعالى لأن الشرعَ قد حثَّ على العمل والتكسب؛ لذا فهو عملٌ من أعمال الآخرة، ثم العمل من أجل الأخرة، وإلى ربك فارغب، فانظر للنبي حينما يستجيب لنداء ربه، فيذر الفراش مع زوجته ويستأذنها لقيام الليل، قالت عائشة: لما كان ليلة من الليالي قال: ((يا عائشة، ذريني أتعبَّد الليلة لربي))، قلت: والله، إني لأُحِبُّ قربَك وأحبُّ ما سرك، قالت: فقام فتطهر ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بلَّ حِجْره، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بلَّ لحيته، قالت: ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال يُؤذِنُه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، لِمَ تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟! قال: ((أفلا أكون عبدًا شكورًا).


الكلمات المفتاحية

سورة الشرح ألم نشرح لك صدرك نور في القلب

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled في ظل معاناة أغلب الناس في الوقت الحالي من الخوف والاكتئاب والقلق على المستقبل، حينما تفتح المصف وتقرأ في القرآن الكريم، سورة الشرح، التي واسى بها ربن