المؤمن يرجو البركة في عمله وفي كل شيء يقدم عليه، كما أن يلتمس الفرج ويلتمس الرزق والنجاح، في العمل، في البيت، وقد دلت السنة على الأثر العظيم لهذه الكلمة العظيمة عند كل عمل نقوم به أو نهم به، ألا وهي بسم الله الرحمن الرحيم.
فمن فضل بسم الله الرحمن الرحين أنها تفتح خزائن الأرض لك وقد قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عاصم، قال: سمعت أبا تميمة يحدث، عن رديف النبي صلى الله عليه وسلم قال: عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: "تَعِس الشيطان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقل تعس الشيطان، فإنك إذا قلت: تعس الشيطان تعاظم، وقال: بقوتي صرعته، وإذا قلت: باسم الله، تصاغر حتى يصير مثل الذباب».
هذه بركة بسم الله؛ ولهذا تستحب في أوّل كل عمل، فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدًا».
اظهار أخبار متعلقة
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله، فليقل: بسم الله أوله وآخره))؛ حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، والنسائي في الكبرى والحاكم.
ودل الحديث على مشروعية التسمية عند بداية الأكل، وأن ذلك هو الأصل فيها، كما دل على أن من نسي التسمية في أول الطعام والشراب أنه يشرع له استدراك ذلك، وهذا الاستدراك له صفة خاصة، وهي أن يقول: ((بسم الله أوله وآخره))، فمن قال ذلك كان مستدركًا لما فاته من التسمية في أول الطعام، وقد ورد في حديث أمية بن مخشي رضي الله عنه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -: أن رجلًا كان يأكل والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر، فلم يسمِّ حتى كان في آخر طعامه لقمةٌ، فقال: بسم الله أوله آخره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمى، فلم يبق في بطنه شيءٌ إلا قاءه))؛ رواه أحمد وأبو داود، وإسناده ضعيف.
فضل بسم الله الرحمن الرحيم
تُعدّ كلمة البسملة اختصاراً لبسم الله الرَّحمن الرَّحيم، وذلك كقولنا حوقلة أو حمدلة، ويُراد بقولها طلب البركة والعون من الله - سبحانه وتعالى- وأسمائه قبل البدء بفعل أو قول معين، والباء في بدايتها للاستعانة والتبرُّك.
وكلمة اسم التي تلحق بها هي مفردٌ مضاف يفيد العموم، وذلك كما في قول الله – تعالى-: «وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا»؛ فنعمة لفظ مفرد مضاف للفظ الجلالة، وتفيد بذلك عموم نِعَم الله -عزّ وجلّ-، كما أنّ لفظ اسم في البسملة مفرد مضاف إلى لفظ الجلالة يُفيد عموم أسماء الله الحُسنى، أمّا لفظ الجلالة فهو أعظم اسم من أسماء الله الحُسنى، وهو خاصّ جاء بعد العموم ليشير إلى الأهميّة والشرف.
أمّا الرّحمن الرّحيم فهما من أسماء الله الحُسنى، جاءا بدلاً من لفظ الجلالة؛ فكانا تابعين له، وقيل: هما نعت في هذا الموضع، والرَّحمن اسم على وزن فَعْلان، وهو اسم لله تعالى يدلّ على أنّه صاحب رحمة واسعة شاملة، تشمل الخلق جميعاً بما فيهم الكافر؛ فهو سبحانه يغدق رحمته وينشرها على عباده جميعاً، والرَّحيم اسم على وزن فَعيل، يُراد به أنّ الله - عزّ وجلّ- صاحب الرحمة الخاصّة بالمؤمنين، قال- تعالى-: «وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا».