توصلت دراسة استمرت 30 عامًا إلى أن الإكثار من تناول الأطعمة فائقة المعالجة يرتبط بزيادة خطر الوفاة المبكرة.
وتتبع علماء من جامعة هارفارد، أكثر من 114 ألف شخص من البالغين الأصحاء في الولايات المتحدة على مدار ثلاثة عقود لقياس العواقب طويلة المدى لنظامهم الغذائي.
الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة
ووجدوا، أن الأنظمة الغذائية الغنية بالأطعمة فائقة المعالجة ارتبطت بزيادة طفيفة في خطر الوفاة، حيث تشكل اللحوم المصنعة والمشروبات الغازية أكبر خطر على الصحة .
وتحتوي عادةً على السكر والملح والدهون المضافة، بالإضافة إلى إضافات كيميائية مثل المُحليات والمستحلبات والألوان، ولكنها تميل إلى أن تكون منخفضة في الفيتامينات والألياف.
وربطت الأدلة المتزايدة هذه الأطعمة بزيادة خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والسكري وسرطان الأمعاء، كما ارتبطت الوجبات السريعة بـ 32 مرضًا في الأبحاث الحديثة.
لكن القليل من الدراسات تابعت المشاركين لفترة طويلة، أو ركزت بشكل خاص على خطر الوفاة.
واختلفت دراسة هارفارد - المنشورة في المجلة الطبية البريطانية - عن الأبحاث السابقة في التركيز على أطعمة معينة.
ووجدت أن اللحوم المصنعة، والدواجن، والمنتجات البحرية، والمشروبات السكرية، والحلويات التي تحتوي على منتجات الألبان، وأطعمة الإفطار عالية المعالجة أظهرت أقوى رابط للوفاة المبكرة، بحسب صحيفة "ذا صن".
اللحوم المصنعة
وأظهرت أن الأشخاص الذين يتناولون اللحوم المصنعة بانتظام كانوا أكثر عرضة للوفاة بنسبة 13 بالمائة.
وأولئك الذين تناولوا المشروبات السكرية أو المحلاة صناعيا كانوا أكثر عرضة بنسبة 9 في المائة.
وفي الوقت نفسه، ارتبطت حلويات الألبان وحبوب الإفطار بارتفاع خطر الوفاة بنسبة 6 و4 في المائة.
وقالت البروفيسور كريستين ويليامز، أستاذة التغذية البشرية الفخرية بجامعة ريدينج: "لطالما نُصح تناول هذه الفئات من الأطعمة بكميات متواضعة بسبب آثارها الضارة المحتملة على وزن الجسم ومستويات الكوليسترول في الدم. وحالة اللحوم المصنعة وسرطان القولون والمستقيم".
وتتبع الباحثون الحالة الصحية طويلة المدى لـ 74 ألفًا و563 ممرضة مسجلة و39 ألفُا و501 شخص من العاملين في مجال الصحة الذكور، الذين ليس لديهم تاريخ من السرطان أو أمراض القلب والأوعية الدموية أو مرض السكري قبل التسجيل في الدراسة.
وقدموا معلومات عن عاداتهم الصحية ونمط حياتهم كل عامين، وأكملوا استبيانًا غذائيًا مفصلاً كل أربعة.
وبينت النتائج أن المشاركين الذين تناولوا أعلى كمية من الأطعمة فائقة المعالجة- بمعدل سبع حصص يوميًا – كانوا أكثر عرضة بنسبة 4 في المائة للوفاة المبكرة مقارنة بالأشخاص الذين تناولوا ما متوسطه ثلاث حصص يوميًا.
أكثر من 13 ألف حالة وفاة بسبب السرطان
وعلى مدار 34 عامًا، حدد الباحثون 48 ألفًا و193 حالة وفاة، بما فيها أكثر من 13 ألف حالة وفاة بسبب السرطان، وما يزيد قليلاً عن 11 ألف حالة تُعزى إلى أمراض القلب والأوعية الدموية.
لكن لم تتم ملاحظة أي علاقة محددة بين إجمالي استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة والوفيات الناجمة عن السرطان أو أمراض القلب.
وبدلا من ذلك، فإن الخطر المرتفع - الذي يصل إلى 64 حالة وفاة إضافية لكل 100 ألف شخص في السنة - لم يُنظر إليه إلا في الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب.
وأشار الباحثون إلى أن الارتباط كان أقل وضوحًا بعد أخذ الجودة الغذائية الشاملة في الاعتبار، مما يشير إلى أن جودة النظام الغذائي كان لها تأثير أقوى على الصحة على المدى الطويل من استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة.
غير أن الدراسة كانت رصدية، مما يعني أنه لا يمكن استخلاص استنتاجات قاطعة حول السبب والنتيجة.
وفي حين لم يدع الباحثون إلى تقييد جميع الأطعمة فائقة المعالجة، فقد جادلوا بأن النتائج التي توصلوا إليها "توفر الدعم للحد من استهلاك أنواع معينة من الأغذية فائقة المعالجة من أجل الصحة على المدى الطويل".
وقالوا إن هناك حاجة لدراسات مستقبلية لتأكيد النتائج التي توصلوا إليها في مجموعات سكانية أخرى.
وانتقد خبراء الدراسة، ومن بينهم السير ديفيد سبيجلهالتر، أستاذ الإحصاء الفخري بجامعة كامبريدج، قائلاً: "تظهر هذه الدراسة ارتباطات ضعيفة بين الأطعمة فائقة المعالجة والوفيات الإجمالية".
وقال اختصاصي التغذية الدكتور دوان ميلور، المتحدث باسم جمعية الحمية البريطانية: "من الملاحظ أيضًا أن أولئك الذين تناولوا معظم الأطعمة فائقة المعالجة يميلون إلى تناول القليل من الخضروات والفواكه والبقوليات والحبوب الكاملة".
وأضاف: "قد لا يكون الأمر بهذه البساطة، حيث أن أولئك الذين تناولوا المزيد من الأطعمة فائقة المعالجة هم أكثر عرضة للوفاة في وقت مبكر - فمن المحتمل جدًا أن تحل هذه الأطعمة محل الأطعمة الصحية من النظام الغذائي."
وتابع: "لا ترتبط جميع مجموعات الأطعمة فائقة المعالجة بنفس المخاطر الصحية، حيث يرتبط السكر والمشروبات المحلاة صناعيًا واللحوم المصنعة بشكل واضح بخطر الوفاة المبكرة".
وقال البروفيسور جونتر كونلي، خبير التغذية وعلوم الأغذية في جامعة ريدينج، إنه "من المستحيل معرفة مدى موثوقية النتائج"، وحث على التعامل مع النتائج "بقدر كبير من الحذر".
وأضاف: "لا أعتقد أن هذه الدراسة تقدم دليلاً يشير إلى الحد من بعض الأطعمة فقط بسبب مستوى معالجتها".