تثير زيوت البذور الجدل بين الخبراء، في حين أن البعض يصفها بأنها سامة ويلقون عليها باللوم في ارتفاع معدلات السمنة والأمراض المزمنة الأخرى، يقول خبراء آخرون إنه لا توجد معلومات كافية للوصول إلى هذا الاستنتاج.
ولا يعرف الباحثون إلا القليل جدًا عن فوائد وأضرار استهلاك زيوت البذور، التي تشمل زيت الكانولا، وزيت الذرة، وزيت دوار الشمس، وغيرها من الزيوت المكررة المصنوعة من بذور نباتات معينة.
الجدل حول زيوت البذور
وتقول الدكتورة جين تشاو، الخبيرة في الصحة العالمية والعامة بجامعة هارفارد، وباحثة في مجال التغذية تركز على زيوت البذور، إن الأدلة متعددة الاتجاهات وغير حاسمة، وتتميز بدراسات معيبة وحقائق مختارة بعناية تتناسب مع سرد الشخص نفسه، سواء كان ذلك لصالحه أو ضده.
تتكون الزيوت بشكل أساسي من الدهون غير المشبعة، وخاصة أحماض أوميجا 6 الدهنية، والتي يزعم المنتقدون أنها تزيد من معدلات الالتهاب في الجسم.
وقالت الدكتورة تشاو "الحقيقة هي أننا لا نفهم بشكل كامل ما هو التأثير السببي للأحماض الدهنية أوميجا 6، والتي تهيمن على معظم زيوت البذور، على خطر الإصابة بالأمراض".
وتأجج الذعر بشأن زيوت البذور بتحليل تلوي واحد نُشر عام 2016 وجد أن زيوت البذور ضارة، إذ تزيد من خطر الإصابة ببعض أمراض القلب بنسبة ١٣ بالمائة. إلا أن هذا التحليل كان استثنائيًا.
وتُظهِر العشرات من الدراسات التحليلية الأخرى حول هذا الموضوع نتائج مختلطة، تتراوح بين فائدة خفيفة للغاية لصحة القلب والوقاية من السكتات الدماغية إلى عدم وجود ارتباط بزيادة خطر الإصابة بأي منهما.
وكتبت الدكتورة تشاو لموقع "ستات نيوز": "تشير هذه النتائج مجتمعة إلى أن قضية زيوت البذور باعتبارها "صحية للقلب" بشكل لا لبس فيه لم تنته بعد".
وأوضحت أن العديد من الدراسات التقليدية تشير إلى أن تناول المزيد من الدهون أوميجا 6، مثل تلك الموجودة في زيوت البذور، يرتبط بتحسين صحة القلب.
لكن هذا النوع من الدراسات يواجه بعض المشاكل: فالأشخاص الذين يتناولون كميات أكبر من هذه الزيوت قد يقومون أيضًا بأشياء صحية أخرى، مثل ممارسة الرياضة أو تناول المزيد من الخضراوات، وهو ما قد يؤثر على النتائج.
دهون أوميجا 6
فيما يتعلق بدهون أوميجا 6، تتباين الأدلة. تتفاوت التحليلات التلوية بين النتائج التي تُشير إلى ارتباط الدهون في زيوت البذور بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب، وبين عدم وجود أي صلة على الإطلاق.
حلل الباحثون الذين يقفون وراء تقرير عام 2016 الذي أثار الجدل حول زيوت البذور، البيانات من دراسة استقصائية عن الشرايين التاجية أجريت في ولاية مينيسوتا الأمريكية في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات شملت أكثر من 9 آلاف شخص واختبرت ما إذا كان استبدال الدهون المشبعة بالزيت النباتي الغني بحمض اللينوليك (دهون أوميجا 6) من شأنه أن يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.
ودمج الباحثون، التجربة المشار إليها مع دراسات أخرى.
وكشف مؤلفو تقرير عام 2016 أن استبدال الدهون المشبعة مثل الزبدة بزيت البذور أدى إلى خفض الكوليسترول لكنه فشل في الحد من أمراض القلب - وربما أدى في الواقع إلى زيادة الوفيات والأزمات القلبية.
كما رُبط تناول نظام غذائي غني بزيوت البذور بسرطان البروستاتا والقولون والمستقيم . وتشير بعض الأبحاث إلى أنها قد تزيد الالتهاب، مما يُسهّل تكاثر الخلايا السرطانية وانتشارها.
ويؤدي الالتهاب المزمن أيضًا إلى قمع قدرة الجهاز المناعي على تدمير تلك الخلايا غير الطبيعية، بحسب صحيفة "ديلي ميل".
وعلى الرغم من الروابط الموصوفة في تلك الدراسات، إلا أن هناك الكثير منها التي توصلت إلى استنتاج معاكس.
مستويات أوميجا 6 في الدم
توصلت دراسة تحليلية أجريت عام 2019 إلى أن المستويات المرتفعة من أوميجا 6 في الدم كانت مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، كما توصلت إلى ذلك دراسة تحليلية صدرت عام 2023.
ولكن تقريرًا صدر عام 2024 لم يجد أي ارتباط بين أحماض أوميجا 6 وأمراض القلب، في حين لم تجد مراجعة كوكرين المنهجية للتجارب التي أجريت عام 2018 أي علاقة بين هذا النوع من الدهون وصحة القلب.
قالت الدكتورة تشاو، إنه ينبغي للمجتمع العلمي أن يكون صريحًا بشأن هذا الغموض، مضيفة: "لا بأس بالقول: "ليس لدينا جميع الإجابات بعد".
وأشارت إلى أن القيام بذلك لا يُربك الجمهور، بل يُظهر احترامه. ويُشير إلى أننا ما زلنا نطرح الأسئلة، وأننا منفتحون على الأدلة الجديدة، حتى لو كانت تُخالف المعتقدات الراسخة.
توجد زيوت البذور في النظام الغذائي الغربي، وتظهر في شكلها غير الصحي في الأطعمة فائقة المعالجة، وصلصات السلطة، والوجبات السريعة.
تُستخدم زيوت البذور أيضًا بشكل شائع في طهي وجبات صحية على غرار النظام الغذائي المتوسطي، والتي تعطي الأولوية للمنتجات الكاملة، والمكونات المعالجة بشكل بسيط، وأحماض أوميجا 3 الدهنية في شكل سمك السلمون والمكسرات، والكربوهيدرات المحدودة.