الوقت هو الكنز الثمين الذي نملكه جميعًا بالتساوي، ولكنه يُستهلك بطرق شتى تختلف من شخص لآخر. وبينما يشتكي البعض من ضيق الوقت، نجد آخرين ينجزون الكثير خلال اليوم الواحد. فما السر؟ إنه ما يسميه العلماء والحكماء وأهل التجربة: بركة الوقت.
فما هي بركة الوقت؟ وكيف يمكن أن نلمسها في حياتنا؟ وهل هناك وسائل وأسباب تجلب هذه البركة أو تُذهبها؟
ما المقصود ببركة الوقت؟
بركة الوقت لا تعني أن اليوم يصبح أكثر من 24 ساعة، بل أن ما نقوم به خلال هذه الساعات القليلة يكون مثمرًا، نافعًا، ذا أثر واسع وعميق. هي طاقة خفية تجعل القليل كثيرًا، والمحدود واسعًا، والمجهود البسيط مثمرًا بإذن الله.
وقد قال النبي محمد ﷺ: "نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ"، مما يشير إلى أن من أعظم ما يُغفل عنه الإنسان قيمة الوقت الفارغ، وأن البركة فيه نعمة لا يشعر بها إلا من فَقَدها.
علامات بركة الوقت:
إنجاز الأعمال بسرعة ودقة.
الشعور بالرضا بعد يوم مزدحم بالمهام.
القدرة على التوفيق بين العبادة، العمل، الأسرة، والراحة.
وجود وقت للقراءة أو التطوير الذاتي رغم الانشغال.
كيف نستجلب بركة الوقت؟
النية الصالحة: النية تجعل العادة عبادة. من يعمل بنيّة الخير والإحسان تُكتب له بركة في وقته وعمله.
الذكر والاستغفار: كان السلف يقولون: "الاستغفار يجلب البركة في الرزق والعمر والوقت".
الصلاة على وقتها: تنظيم اليوم حول مواقيت الصلاة يساعد على انضباط النفس وتحقيق البركة.
الاستيقاظ مبكرًا: قال ﷺ: "اللهم بارك لأمتي في بكورها".
البعد عن المعاصي: لأنها تمحق البركة، كما أن الطاعات تزيدها.
التخطيط الجيد وتنظيم المهام: باستخدام قوائم المهام والأولويات.
ترك التوافه: كثرة تصفح الهاتف أو متابعة ما لا يفيد تستنزف البركة والجهد.
نماذج واقعية لبركة الوقت:
طالب جامعي يحفظ القرآن الكريم ويعمل بدوام جزئي ويحرز تفوقًا دراسيًا، لأنه ينظم وقته ويستثمر كل دقيقة في ما ينفعه.
أم لخمسة أطفال تدير بيتها وتعمل من المنزل وتجد وقتًا للقراءة وتعلُّم مهارات جديدة.
رجل أعمال ناجح يخصص وقتًا يوميًا للعبادة والتطوع رغم ضغوط العمل.
وفي الختام أؤكد أن بركة الوقت لا تُشترى، لكنها تُكتسب. وهي من نعم الله التي يُكرم بها عباده إذا استحقوها.
وحين يفقد الإنسان هذه البركة يشعر بأن اليوم يمر هباءً، وأن العمر ينقضي بلا أثر. فليكن شعارنا:
"اللهم بارك لنا في أوقاتنا، وأعنّا على اغتنامها في طاعتك وخدمة خلقك."