يحظى نظام الكيتو الغذائي عالي الدهون ومنخفض الكربوهيدرات بشعبية كبيرة، نظرًا لأنه يساعد على إنقاص الوزن بسهولة عن طريق التخلص من الأطعمة مثل البطاطس والمكرونة والخبز.
لكن الجديد أن تقليل تناول الكربوهيدرات قد يساعد في الوقاية من الاكتئاب، وفق ما توصل إليه باحثون كنديون، قاموا بتتبع السجلات الصحية لأكثر من 40 ألف شخص بالغ، واكتشفوا أن نظام الكيتو الغذائي يمكن أن يخفض أعراض الاكتئاب بشكل كبير.
لم يتمكن الباحثون من تحديد السبب الدقيق وراء ذلك، لكنهم قالوا إن هذا النظام الغذائي قد يوفر مصدرًا بديلًا للطاقة لخلايا المخ- وهو ما قد يلعب دورًا في علاج الأمراض العقلية.
ويهدف نظام الكيتو الغذائي، عن طريق القضاء تقريبًا على الكربوهيدرات عالية الطاقة، إلى تمكين الأشخاص من الوصول إلى حالة تسمى الكيتوزية. وهو ما يعني عدم تناول الخبز أو المكرونة أو الأرز أو الخضراوات النشوية مثل الذرة والفاصوليا والقرع وتقريبًا عدم تناول الفاكهة.
وبدون الكربوهيدرات، يبدأ الجسم بحرق الدهون المخزنة للحصول على الطاقة بدلاً من ذلك، مما يساعد الناس على فقدان الوزن.
وفي الدراسة، قام الباحثون من جامعة تورنتو بتقييم نتائج 50 دراسة شملت 41 ألفًا و718 شخصًا بالغًا في 15 دولة. نُشرت جميعها بين عامي 1965 و2025، وبحثت في العلاقة بين حمية الكيتو وأعراض الاكتئاب والقلق.
ووجد الباحثون، فرقًا متوسطًا قدره -0.48 بشكل عام، مما يعني أن هناك فرقًا "معتدلًا" في تقليل الأعراض عند تطبيق نظام الكيتو الغذائي مقارنة بالأنظمة الغذائية الضابطة.
وأظهرت عشر دراسات "ارتباطًا مهمًا" بين نظام الكيتو الغذائي وأعراض الاكتئاب، مع العثور على "ارتباطات أقوى" في الدراسات التي تستخدم مراقبة الكيتون، على حد قولهم.
وفي مقال كتبوه في مجلة "جاما سيكاتري"، أضاف الباحثون أن "تحسينات أكبر في أعراض الاكتئاب" لوحظت أيضًا في "التدخلات منخفضة الكربوهيدرات للغاية" لدى المشاركين غير المصابين بالسمنة.
وقالوا إن "هذه النتائج تشير إلى أن حمية الكيتو قد تكون مفيدة لعلاج الاكتئاب عبر مجموعات سكانية مختلفة، بما في ذلك اضطراب الاكتئاب الشديد"، وفقًا لصحيفة "ديلي ميل".
وفي إطار فرضية مفادها أن نظام الكيتو الغذائي قد يساعد في علاج هذا المرض، قال الباحثون إن الاكتئاب مرتبط بمشكلة في الميتوكوندريا، وهي "البطاريات" الموجودة في جميع خلايا أجسامنا.
ولدى بعض الأشخاص، لا تستطيع الميتوكوندريا التعامل مع الجلوكوز بشكل صحيح. فهو مصدر الطاقة الرئيس للجسم، ولذلك لا تعمل الخلايا بكفاءة.
وفي الدماغ، يمكن أن يؤثر هذا على التواصل بين الخلايا، مما يؤثر بدوره على وظائف الدماغ والصحة العقلية، كما تقول النظرية.
مع اتباع نظام الكيتو الغذائي، يستخدم الجسم مصدرًا بديلًا للوقود، وهو الكيتونات - التي ينتجها الكبد عندما يقوم بتكسير الدهون، وهي العملية التي تسمى الكيتوزية - والتي قد تعمل على استقرار وظائف المخ بشكل فعال.
لكن الباحثين اعترفوا أيضًا بأن أبحاثهم بها "قيود مهمة"، بما في ذلك حقيقة أن الدراسات التي قاموا بتحليلها "اختلفت في جودة التصميم وحجم العينة وطول التدخل".
وأشاروا إلى أن العمل المستقبلي يجب أن "يعطي الأولوية" للدراسات الكبيرة التي تتضمن "بروتوكولات نظام الكيتو الغذائي الموحدة ومراقبة الكيتون بشكل صارم".
ويتكون نظام الكيتو الغذائي عادة من 75 بالمائة دهون، و20 بالمائة بروتين، و5 بالمائة كربوهيدرات فقط.
ينصح الشخص الطبيعي الذي يتبع نظام الكيتو الغذائي بتناول ما بين 20 إلى 50 جرامًا فقط من الكربوهيدرات يوميًا.
تحتوي شريحة من الخبز المصنوع من القمح الكامل على 14 جرامًا من الكربوهيدرات وموزة تحتوي على 20 جرامًا،
وعلى الرغم من وجود العديد من الدراسات التي تشير إلى المخاطر المحتملة لنظام الكيتو الغذائي، بما في ذلك ارتفاع مستويات الكوليسترول ومرض الكبد الدهني، فقد أصبح هذا النظام الغذائي شائعًا بشكل متزايد.
وقد أشارت الأدلة أيضًا إلى أن أنظمة غذائية أخرى، بما في ذلك النظام الغذائي المتوسطي، وعلى وجه الخصوص النظام الغذائي الغني بالأسماك - وخاصة زيت السمك، الذي له تأثيرات مضادة للالتهابات - تساعد في علاج الاكتئاب.
وفي إحدى التجارب الرائدة التي أجريت عام 2017 في جامعة ديكين في أستراليا، تمكن ثلث المرضى الذين يعانون من الاكتئاب المتوسطي إلى الشديد والذين اتبعوا نظامًا غذائيًا متوسطيًا معدلاً من التوقف عن تناول أدويتهم بعد 12 أسبوعًا فقط.