فتاوى جدلية أشاعت خلافًا محتدمًا بين العديد من المتابعين خلال الآونة الأخيرة، حول
فرضية الصيام بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا، والآثار الجانبية للصيام على المصاب بالفيروس الذي يصيب الجهاز الرئوي، ويدمره.
إذ أفتى البعض بجواز الامتناع عن الصيام حال شعر بخطورة على صحته في ظل انتشار الوباء، على افتراض أن المصاب لا يعرف إصابته إلا بعد فترة تتجاوز 14 يوما من ظهور أول أعراض الإصابة بهذا الفيروس، في الوقت الذي قال فيه الأزهر إن الصيام واجب وفرض، على كل مسلم قادر ومعافى، لطالما أنه لم يصب بهذا الفيروس، ولم تظهر عليه أعراضه.
ويشعر بعض الناس بالمشقة من الصيام، خاصة في فصل الصيف مع ارتفاع درجة الحرارة، حيث يعبر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي عن شعورهم بالجوع أو الإرهاق جراء الصيام، ويحاول هؤلاء تعويض ما فاتهم بتناول كميات أكبر من الطعام والشراب، فيما يزداد أثر فيروس كورونا مع عدم تناول المياه.
اقرأ أيضا:
فرض غرامة على المشتري الذي يتأخر فى السداد.. هل يجوز؟وأفتت لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، بوجوب الصوم خلال شهر رمضان، مؤكدة عدم وجود دليل علمي حتى الآن على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بفيروس كورونا المستجد، وذلك بعد اجتماع عقدته اللجنة، بحضور أطباء وممثلين عن منظمة الصحة العالمية لبحث تداعيات فيروس كورونا ومدى تأثيره على صيام شهر رمضان.
ونقلت شبكة "سي إن إن" عن الدكتور عبد المنعم فؤاد المشرف العام على الأروقة الأزهرية، إن الدين الإسلامي مثلما يأمرنا بالصلاة في المساجد والصيام والاعتكاف خلال شهر رمضان الكريم، يأمرنا أيضاً بالأخذ بالأسباب، فالشرع لا يتصادم مع العلم.
وأضاف: إذا كان العلم وأهل الطب يؤكدون أن التجمعات تؤدى إلى الإصابة بفيروس كورونا فلابد من الأخذ بالأسباب ووقف أى تجمعات، إذ أن الحفاظ على النفس البشرية من مقاصد الشريعة.
وقال المشرف العلمي على الجامع الأزهر: "الإفطار في رمضان يحسمه ثبوت نظريات علمية تؤكد أنه يؤثر على الإصابة بالفيروس، ولذا سيتوجب حينها الإفطار لأن الإسلام أعطى رخصة الإفطار للمرضى، إلا أن الطب لم يثبت حتى الآن أى تأثيرات سلبية للصيام على الإصابة بكورونا"، مضيفا: " بيان الأزهر الشريف كان واضحاً حين أعلن تواصله مع منظمة الصحة العالمية والتي لم تصدر تعليمات بشأن تأثير الصيام على الإصابة بالفيروس".
العوامل التي قد تؤثر على تحمل الصيام؟
تقول "بي بي سي" إن جنسك أو عرقك أو فصيلة دمك أو المنطقة التي تقيم فيها قد تجعلك أقل أو أكثر قدرة على تحمل الصيام.
ونقلت عن الدكتور محمد الفايد، وهو عالم تغذية مغربي حاصل على شهادتي دكتوراة وله أبحاث كثيرة في مجال علم التغذية إلى جانب عدد من الكتب الأكاديمية، يرى أن ثمة علاقة بين هذه العوامل وقدرتنا على تحمل الصيام.
وفي شهر رمضان قدم الفايد نصائحه لمتابعيه بشكلٍ شبه يومي كي يحققوا الاستفادة القصوى من شهر الصيام الذي يرى فيه وسيلة مثلى لتحسين أداء الجهاز الهضمي والصحة عامةً.
و تطرق د. الفايد إلى تفاوت قدرة الأشخاص على الصيام، وعزى ذلك إلى عوامل عدة لخصها بالقول إنه رغم القواسم المشتركة الكثيرة بين البشر ألا أنه "لا جسم يشبه جسما آخر من الداخل" وأن الأمر أشبه ما يكون بالدواء الذي قد يصلح لشخص ولكنه لا يصلح لآخر.
وذكر د. الفايد الذي شوهد أكثر من نصف مليون مرة، أن فصائل الدم الأربع تحدد قدرتنا على الصيام، وأن أصحاب الفصيلة "O" أكثر قدرةً على تحمل الصيام يليهم أصحاب فئة "A" بنسبة تقل بنحو 20% ثم فئة "AB" فيما الأقل قدرة على تحمل الصيام من الجميع هم أصحاب فئة الدم "B".
وأما من ناحية لون البشرة، فأصحاب اللون الداكن يتحملون الصيام أكثر من ذوي اللون الأبيض فيما يشق الصيام على نحوٍ خاص لمن هم من العرق الأصفر.
وللصيام - من وجهة نظر الفايد - علاقة بالمكان، ففرنسا مثلاً يكون الصيام فيها صعباً مقارنةً مع منطقة مثل شبه الجزيرة العربية التي يتحمل سكانها الصيام رغم ارتفاع درجات الحرارة أكثر من غيرهم، ويشهد على ذلك من يؤدون العمرة.
ويقول الفايد إن المرأة بشكلٍ عام أقدر على الصيام من الرجل وتفسيره لذلك أن مخزون الدهون عند المرأة أعلى من الرجل، إذ يصل إلى 22% مقارنة مع 11% عند الرجل، وهو ما يساعدها على تحمل الصيام أكثر من الرجل.
فيما ترى ربا العباسي مديرة المركز الريادي للتغذية العلاجية أن القدرة على تحمل الصيام عند الرجل قد تكون أقل لأن الكتلة العضلية عنده أعلى من المرأة ما يعني أنه أسرع حرقاً للدهون منها وبالتالي فإن احتمال أن يداهمه الشعور بالجوع يكون أكبر.
وتنصح العباسي الرجل بالتغلب على ذلك من خلال الحرص على تناول وجبة السحور وتجنب التهام الطعام بسرعة مما قد يشعره بعدم الشبع.
كما تشدد على ضرورة أن تكون وجباته متكاملة فتشمل الخضروات والفواكه ولا تقتصر على الأرز واللحم، كما هو شائع عند الغالبية خلال شهر رمضان.
وبالنسبة للعوامل الأخرى، تؤيد العباسي فكرة أن المناطق الجغرافية قد تلعب دوراً في تحديد قدرة تحمل الصيام، فكلما ازدادت ظروف البيئة الخارجية صعوبةً، كانت القدرة على تحمل العطش على وجه الخصوص أعلى.
أما بالنسبة لفصيلة الدم أو العرق فلا ترى أنها قد تلعب دوراً في مدى قدرة الشخص على تحمل الصيام.