كلنا نعلم أن الجبال هي أوتاد الأرض، وبالعودة للمعنى من وصفها بالأوتاد فهي كتل مغروسة في باطن الأرض بأحجام مختلفة قد تفوق ثلثي ما يظهر أمام الناس .. وأمام أعينهم فكل مقدار فوق الأرض له ضعفي مقداره تحت الأرض وهذا ما يسبب توازن الكتلة في جسم الأرض لهذه الأشياء معنى أخر توقفت عنده وأنا أسمع هذه المعلومة الجديدة من طفلي ...

اكتسب قوتك من داخلك 

هذا الطفل الحساس جدًا لكل ما يحدث حوله لكل ما يمر به فهو شديد التأثر والتعلق كثير الحزن على الفوت، كثير البكاء لانعزال أصدقائه عنه هذا الألم النفسي الذي يعانيه لأنه يستمد قوته ومشاعره من وجود أصدقائه من حوله.. فإذا ما كان وحيدًا منفردًا شعر بالألم النفسي... مما جعلني أتساءل لماذا؟ لأنه لا يمتلك السلام الداخلي بل يستمده من خارجه، ولكن السلام النفسي والهدوء والطمأنينة لا تحصل هكذا..
فمثل هذا الجبل في المثال لا يكون اتزانه من خارجه أبدًا بل لابد أن يكون من داخله، نعم يحتاج أن يحب نفسه ضعفي ما يحبه أصدقاؤه يحتاج أن يعتمد على نفسه ضعفي ما يعتمد على الآخرين أن يسعد نفسه ضعفي ما يسعده الآخرون، وإلا فلن يكون متزنًا نفسيًا

اقرأ أيضا:

أحلق شعري زيرو أثناء الامتحانات حتى لا أخرج وأركز فى مذاكراتى.. يتهموننى بضعف الإرادة وأنى معقد

 ولكن.. كيف؟

لابد أن يقتنع الطفل والكبير البالغ أيضًا أن المشكلة لم تكن أبدًا ولن تكون فيمن حوله لطالما لم يحلها مع نفسه أولاً... الطمأنينة التي يستمدها من وجود آخرين لابد أن لا يربطها بخيط في يد أحدهم.. لأنها ستهتز باهتزاز الخيط في يده وتستقر باستقراره بل وتمرض بمرضه وتسافر بسفره وترحل برحيله وتموت بموته!

وهذا ما يفسر تعلق البعض بآخرين ينسجون عليهم كل خيوط الحياة هذا التعلق يعقبه ألم الفقد والرحيل هذا الألم النفسي العظيم لأنه تعلق بزائل ولم يتعلق بباق... وليس هناك أبقى من اطمئنانك بالله .. وسكينتك ببقائه سبحانه وتعالى في حياتك وهدوء روحك بالشعور بمعيته لك.
إذن فجذور هذه الطمأنينة في معرفة الله والاستئناس به والركون إليه.  ثم تتوالى غصون هذه الجذور في تعلم العطاء قبل الاتكاء على الأخذ، فهذا أيضًا من وسائل الاستقرار النفسي، ثم تأتي السلوكيات الأخلاقية الأخرى بعد هذا كله لتزيد هذه النفس استقرارًا وسكونًا وطمأنينة.
وفي تلك السلوكيات الاجتماعية ينصهر هذا المزيج من الصحبة الجيدة، صحبة تعينك على هذا الاستقرار النفسي بمزيد من الاطمئنان تأتي بعد ثبات الجذرفي باطن النفس.. ومع جلسات مع النفس وتقويمها وتهذيبها بالرياضة والطعام الصحي ستجد المزيد والمزيد من الاستقرار النفسي.