من ضمن المنح الإلهية التي وهبها الله لرسوله الكريم أنه تعالي اصطفي لنبيه الكريم بحسب حملة وأزواجه أمهاتهم "التي أطلقها الأزهر الشريف للتعريف بمناقب أمهات المؤمنين والدفاع عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهم حيث أصطفى الله تعالى لنبيه ﷺ زوجات صالحات رافقنه في طريق دعوته، وتحملنّ معه هموم تبليغ رسالته
وليس أدل علي مناقب أمهات المؤمنين رضي الله عنهن .من أنهن اخترنَ رسولَ الله ﷺ مع زُهده، وإيثاره ما عند الله على الحياة الدنيا وزينتها؛ فكنَّ بذلك خير قدوة لنساء المؤمنين منذ صدر الدعوة الإسلامية الي ان يرث الله الأرض ومن عليها .
والله تعالي في كتابه العزيز ثمن مناقب أمهات المؤمنين حيث بيَّن الله صبرهنّ، وإيثارهنّ سيّدنا رسول الله ﷺ؛ فقال سُبحانه: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا . وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا" "الأحزاب: 28، 29"
مناقب أمهات المؤمنين وفضائلهن ومنظومة القيم التي اكتسبنها من العشرة النبوية وإطاعتهن لله ولرسوله .فاستحققن بهذا تعويض الله وجزاءه بأن جعلهنَّ أمهات للمؤمنين، تأكيدًا لحرمتهنَّ، وتعظيمًا لحقوقهنَّ؛ فقال سبحانه: "وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ"الأحزاب 6.
ومن المناقب التي خص بها الله تعالي حَظَر عليه صلي الله عليهم وسلم زواجَ غَيْرِهنَّ أو تبديلهنَّ؛ فقال سُبحانه: "لَّا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا" "الأحزاب: 52".
وبل أن الله تعالي جعلهنَّ للمؤمنين أمهات كأمهات النَّسب في المكانة والحرمة؛ حيث قال ربنا سبحانه: "..وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا" الأحزاب : 5 وإن كان قد أُحلِّ لسيِّدنا رسول الله عليه وسلم النساء بعد ذلك -على أحد قولي العلماء- إلا أنه لم يتزوج غيرهن؛ إكرامًا لهنَّ رضي الله تعالى عنهنَّ.
بل أن الله تعالي قد وسّع على أمَّة النّبي صلي الله عليه وسلم في النِّكاح أكثر مما أنعم به عليه صلي الله عليه وسلم ؛ رغم أن زواجه أحد خصائصه النَّبويَّة..فزوجات النَّبي التي تُوفي عنهن تسع لم يحل له زواج غيرهنّ أوتبديلهنّ أو الزيادة عليهنّ في حين أباحت الشَّريعة للرجال من أمَّته الجمع -بضوابطه- بين أربع نساء على الأكثر مع إباحة التَّبديل بغيرهنَّ مُطلقًا.
ومن مناقب أمهات المؤمنين ترفعهن على مطامع البشر في مال أو جمال أو نسب؛ فلم ينكح بكرًا سوى أمِّنا عائشة رضي الله عنها، وتزوج بمن هنَّ أكبر منه سنًّا كأُمِّنا خديجة بنت خويلد، وأمِّنا سودة بنت زمعة رضي الله تعالى عنهما وعن أمهاتنا أمهات المؤمنين أجمعين
الله تعالي اختص زوجات النبي بمنح عديدة حيث قدمن نموذجن للزوجة الصالحة الحافظة لأسرار زوجها وارشدن الزوجات المسلمت إلي أسباب السعادة الأسريةباعتبارأن حفظ الزوجة لأسرار زوجها، وعدم الإفصاح به لأحد مهما كانت الصلة به.
أم المؤمنين أم سلمة قدمت نموذجا لنساء المسلمين في حفظ أسرار بيت الزوجية حيث دخل ناسٌ من أصحاب رسول الله عليه وسلم علىٰ أمِّ سلمة زوجِ رسول الله صلي الله عليهم وسلم فقالوا: يا أم المؤمنين، حدِّثينا عن سرِّ رسول الله ؟ قالت: «كان سرُّه وعلانيتُهُ سواءً».
السيدة أم سلمة رضوان الله عليها لم تفش سرا للرسول لكن قالت لهم: كان سرُّه وعلانيته سواء، ثُمَّ ندمت فقالت: أفشيتُ سرَّ رسول الله ﷺ، قالت: فلما دخل أخبرته، فقال: «أحسنت». أخرجه أحمد.
فالسيدة أمُّ سلمة رضِيَ اللهُ عَنْهَا خشيت أن تكون قد أفشت سرَّ زوجِها رسولِ صلي الله عليه وسلم ، وراجعت نفسَها وندمت، وأخبرت رسول الله ليستغفر لها؛ لتعلّمنا درسًا في صيانة أسرار البيت.
من الثابت هنا التأكيد أن أمهات المؤمنين أبلين بلاءً حسنًا في كثير من المواقف، وما من مَكرُمة أو فضيلة إلا وكُنَّ فيها مع الرِّجال سواءً بسواء، ولم يمنعهنَّ شيء من التَّضحية في سبيل دينهنَّ، والحرص على مرضاة الله سبحانه ورسولهالله عليهم وسلم .