العقل كما يقول المحاسبي هو :" نور الغريزة مع التجارب، يزيد وينقص بالعلم والحلم"، ولكن يبقى شيء لا يفوت المسلم وهو درجة قربه وبعده عن الله، فذلك من أعظم الأمور في عقله ، حيث جاء في الأثر :" اتقوا فراسة المسلم".
سؤال وإجابة:
وقال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عويمر ازدد عقلا تزدد من الله تعالى قربا".
قلت: بأبي وأمي ومن لي بالعقل؟ قال: " اجتنب محارم الله تعالى وأد فرائض الله تعالى تكن عاقلا، ثم تنقل إلى صالح الأعمال تزدد في الدنيا عقلا، وتزدد من الله قربا وعزا".
وحكى بعض أهل المعرفة قال: حياة النفس بالروح، وحياة الروح بالذكر، وحياة القلب بالعقل، وحياة العقل بالعلم.
حكايات مثيرة:
وقد قال الأصمعي: رأيت بالبصرة شيخا له منظر حسن وعليه ثياب فاخرة، وحوله حاشية وهرج، وعنده دخل وخرج، فأردت أن أختبر عقله، فسلمت عليه وقلت: ما كنية سيدنا؟
فقال: أبو عبد الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، قال الأصمعي:
فضحكت منه وعلمت قلة عقله وكثرة جهله.
كما رأى القاضي أبو يوسف رجلا ذا هيئة حسن وسمت وهيبة، فحادثه فقال الرجل لأبي يوسف : متى يفطر الصائم ، فقال له أبو يوسف : عندما تغرب الشمس.
فقال الرجل: إذا لم تغب، فقال له أبو يوسف: أنت أحسنت في صمتك، وأنا أسأت في استدعاء نطقك.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاذكاء القاضي:
وكان القاضي إياس بن معاوية القاضي من أكابر العقلاء، وكان عقله يهديه إلى سلوك طرق لا يكاد يسلكها من لم يهتد إليها.
فقد كان من جملة الوقائع التي صدرت منه وشهدت له بالعقل الراجع والفكر القادح أنه كان في زمانه رجل مشهور بين الناس بالأمانة، فاتفق أن رجلا أراد أن يحج، فأودع عند ذلك الرجل الأمين كيسا فيه جملة من الذهب، ثم حج فلما عاد من حجه جاء إلى ذلك الرجل وطلب كيسه منه فأنكره وجحده.
فجاء إلى القاضي إياس وقصّ عليه القصة، فقال القاضي: هل أخبرت بذلك أحدا غيري؟
قال: لا. قال: فهل علم الرجل أنك أتيت إلي؟ قال: لا، قال: انصرف وأكتم أمرك، ثم عد إلي بعد غد.
فانصرف الرجل، ثم إن القاضي دعا ذلك الرجل المستودع فقال: قد حصل عندي أموال كثيرة ورأيت أن أودعها عندك فاذهب وهيىء لها موضعا حصينا.
فمضى ذلك الرجل وحضر صاحب الوديعة بعد ذهاب الرجل، فقال له القاضي إياس: امض إلى خصمك واطلب منه وديعتك، فإن جحدك فقل له امض معي إلى القاضي إياس أتحاكم أنا وأنت عنده.
فلما جاء إليه دفع إليه وديعته فجاء إلى القاضي وأعلمه بذلك.
ثم إن ذلك الرجل المستودع جاء إلى القاضي طامعا في تسليم المال، فسبّه القاضي وطرده، وكانت هذه الواقعة مما تدل على عقله وصحة فكره.