يعيش الإنسان حياته كما يقولون (بالطول والعرض)، يحسن ويذنب، حتى يأتي الموعد الذي لا يتغير أبدًا.. موعد حدده الله عز وجل لكل إنسان قبل خلقه.. وهو موعد نزول القبر.. جميعنا يعلم جيدًا أن الله سبحانه وتعالى وحده الذي يعلم هذا الموعد الهام.. لكن للأسف هناك من يتوه في هذه الحياة الدنيا، وينسى هذا اللقاء الهام. فيأتيه الموت (بغتة وليعاذ بالله)، وهناك من يعمل له جيدًا.. ويستعد له بكل قوة.. وهناك ثالث، كأن الله عز وجل هو الذي ينتظر هذا الموعد.. فيجهز له عدته وربما قبره، وربما سبل اللقاء على أفضل ما يكون.
من هؤلاء الذين أحب الله عز وجل لقائهم، كما أحبوا هم لقائه، لاشك السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، بل أنها ليست فقط أحب الله عز وجل لقائها وإنما أيضًا أعد له عدته.. وأتم استقبالها على أحسن ما يكون.. ولما لا وهي التي قدمت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير والكثير.
كفن خديجة
قدمت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها مالها ونفسها فداءً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي آوته حين طرده الناس، ونصرته حين خذله الناس، وصدقته حين كذبه الناس، فكان لابد أن يكون استقبالها بعد وفاتها من الله عز وجل يليق بما قدمته، إذ يروى أنه حين توفيت السيدة خديجة رضى الله عنها ..هبط الأمين جبريل عليه السلام، وقال: يا رسول الله، إن الله يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمد إنّ كفن خديجة من عندنا، فإنها بذلت مالها في سبيلنا، فجاء جبريل بكفن، وقال: يا رسول الله، هذا كفن خديجة، وهو من أكفان الجنة أهداه الله إليها.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاروعة الثواب
انظر لروعة الثواب.. لكن لاشك يتفق وما تقدم من أسباب وصفاء نفس، والتضحية بكل غالٍ ونفيس في سبيل الدعوة المحمدية.. ولما لا وهي التي طمأنته صلى الله عليه وسلم حين عاد إليها خائفًا يرتعش من الغار الذي كان يتعبد فيه، وظهر له أمين الملائكة جبريل عليه السلام، ويقول لها: (دثريني دثريني)، فكان الرد المملوء بالثقة في الله عز وجل: أبدًا والله لن يضيعك الله، فأنت تقري الضيف، وتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتعين الضعيف.. فكيف بهذه المرأة ألا يكافئها الله عز وجل أفضل مكافأة!؟.. وأن يجهز لها كفنها من الجنة.. فهو الذي وعدها ووعده الحق بأن لها قصرًا في الجنة لا صخب فيه ولا نصب.