اشتهر الشيخ أبو سليمان الداراني بأنه من شيوخ المعرفة والزهد، ومعرفة أحوال ومقامات النفوس.
وكانت له أحوال عجيبة في الزهد والمعرفة، كل ذلك على طريقة توافق السنة النبوية، ولم تحد عنها، فلقيت أعماله وأفعاله رواجا بين العباد والزهاد.
مواعظه البليغة:
كان يقول: ما حجّوا ولا رابطوا ولا جاهدوا إلا فرارا من البيت، وما يرون ما تقر به أعينهم إلا في البيت.
وقال تلميذه أحمد بن أبي الحواري قال أبو سليمان: لو اجتمع الخلق جميعا على أن يضعوني كاتضاعي عند نفسي ما قدروا على ذلك.
وروى أيضا قال أبو سليمان الداراني: من صفي صفي له ومن كدر كدر عليه.
وحكى عنه أحد معاصريه سمعت أبا سليمان يقول: من أحسن في نهاره كوفئ في ليله، ومن أحسن في ليله كوفئ في نهاره.
ومن صدق في ترك الشهوة ذهب الله بها من قلبه، والله أكرم من أن يعذب قلبا بشهوة تركت له.
وحكى عنه الجنيد قال: قال أبو سليمان الداراني: ربما يقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل منه إلا بشاهدين عدلين: الكتاب والسنة.
اظهار أخبار متعلقة
مواقف عجيبة عن معرفة النفس:
ودخل عليه أحمد بن أبي الحواري وهو يبكي، فقلت له: ما يبكيك؟ فقال لي: يا أحمد ولم لا أبكي، وإذا جنّ الليل ونامت العيون، وخلا كل حبيب بحبيبه، وافترش أهل المحبة أقدامهم، وجرت دموعهم على خدودهم، وقطرت في محاريبهم، أشرف الجليل سبحانه، فنادى جبريل عليه السلام بعيني من تلذذ بكلامي، فلم لا ينادي فيهم ما هذا البكاء؟
هل رأيتم حبيبا يعذب أحبابه؟ أم كيف يجمل بي أن أعذب قوما إذا جنهم الليل تملقوني، فبي حلفت إذا وردوا علي القيام لأكشفن لهم عن وجهي الكريم حتى ينظروا إلي وأنظر إليهم.
وقال أحمد بن أبي الحواري قال لي أبو سليمان: ليس العبادة عندنا أن تصف قدميك وغيرك يفت لك، ولكن ابدأ برغيفيك فأحرزهما ثم تعبد، ولا خير في قلب يتوقع قرع الباب يتوقع إنسانا يجيئه يعطيه شيئا.
قال: وقلت لأبي سليمان: سهرت ليلة في ذكر النساء إلى الصباح.
قال: فتغير وجهه وغضب علي وقال: ويحك أما استحييت منه؟ يراك ساهرا في ذكر النساء؟ ولكن كيف تستحيي ممن لا تعرف.
قال: وسمعت أبا سليمان يقول: إذا لذت لك القراءة فلا تركع ولا تسجد، وإذا لذ لك السجود فلا تركع ولا تقرأ، الزم الأمر الذي يفتح لك فيه.