الصحابي الجليل حنظلة بن الربيع رضي الله عنه، هو أحد كتاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - للوحي القرآني ومن سفرائه، كان فارساً شجاعاً من الأمراء الفاتحين، ونسبه هو حنظلة بن الربيع بن صيفي بن رياح بن الحارث بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم التميمي الأسيدي، وكنيته أبو ربعي، والملقب بالكاتب، وأخوه الصحابي رباح بن الربيع. نشأ في بيت شرف وحسب،
وهو ابن أخي أكثم بن صيفي حكيم العرب، الذي قيل إنه أدرك مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن مئة وتسعين سنة وكان يوصي قومه بإتيان النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسلم وكان قد كتب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاوبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فُسر بجوابه وجمع إليه قومه فندبهم إلى إتيان النبي - صلى الله عليه وسلم - والإيمان به، فاعترضه مالك بن نويرة اليربوعي وفرق جمع القوم فبعث أكثم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنه مع من أطاعه من قومه فاختلفوا في الطريق فلم يصلوا.
وكان حنظلة بن الربيع من السابقين إلى الإسلام، وأحد الذين كتبوا للرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الملوك ورؤساء القبائل، وكان يكتب حوائجه بين يديه وما يجبي من أموال الصدقات وما يقسم في أربابها، كما كان من كتبة وحي القرآن، وخليفة كل كاتب من كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا غاب عن عمله، ويقوم مقام جميع كتابه بمن فيهم زيد بن ثابت، يكتب بين يديه، فغلب عليه اسم الكاتب، وقال اليعقوبي: “وكان كتابه الذين يكتبون الوحي والكتب والعهود، حنظلة بن الربيع”، وقال محمد بن عمر: “كتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي”، وقال ابن قتيبة: “هو حنظلة بن الربيع وكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم”. واتخذه الرسول - صلى الله عليه وسلم - رسولاً وسفيراً لأمانته وعدله وورعه، وعهد إليه بخاتمه، وذكرت كتب السير والتراجم أنه قال له: “الزمني واذكر كل شيء أنا فيه”.
وشهد مع الرسول - عليه الصلاة والسلام - فتح مكة، وحين مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما بامرأة مقتولة يوم فتح مكة قال لحنظلة: “الحق خالدا وقل له: لا تقتلن ذرية ولا عسِيفاً”، وبعثه الرسول - صلى الله عليه وسلم - رسولاً إلى أهل الطائف، ويروى أنه عندما خرج الرسول - عليه الصلاة والسلام - ومعه أصحابه إلى أهل الطائف، عسكر بجيشه في مكان قريب منها، ثم بعث إليهم حنظلة بن الربيع - رضي الله عنه - ليكلمهم في أمر الصلح، فلما وصل إليهم خرجوا وحملوه ليدخلوه حصنهم ويقتلوه، فلما رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذلك، خاف على حنظلة، ونظر إلى أصحابه يحثهم على إنقاذه، وقال: ”من لهؤلاء؟ وله مثل أجر غزاتنا هذه”، فلم يقم أحد من الصحابة إلا العباس الذي أسرع ناحية الحصن حتى أدرك حنظلة، وقد كادوا يدخلونه الحصن، فاحتضنه وخلصه من أيديهم فأمطروه بالحجارة من داخل الحصن، فجعل النبي - عليه الصلاة والسلام - يدعو له حتى وصل إليه ومعه حنظلة، وقد نجا من هلاك محقق. وأثنى عليه - صلى الله عليه وسلم - وقال:”ائتموا بهذا وأشباهه”.
وتميز بمراقبته لله تعالى واتهامه لنفسه، ويروى أنه مر بأبي بكر يوماً وهو يبكي، فقال أبو بكر: مالك يا حنظلة؟ فقال: نافق حنظلة يا أبا بكر، نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين فإذا رجعنا عافسنا النساء والضيعة - يعني مداعبته أهله وعياله - فقال أبو بكر: فوالله إنا لكذلك، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “مالك يا حنظلة”، قال: نافق حنظلة يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة كأنا رأي عين، فإذا رجعنا عافسنا الأزواج والضيعة، ونسينا كثيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو تدومون على الحال التي تقومون بها من عندي لصافحتكم الملائكة في مجالسكم وفي طرقكم وعلى فرشكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة”.
اقرأ أيضا:
إذا ما أردت أن تكون حليمًا؟ عليك بهذه الحكمةاقرأ أيضا:
احذر هذا الشخص.. بماذا أوحى الله لنبيه داود عليه السلام؟