الحب رزق من الله عز وجل، وبالتأكيد أنت لا تدري من يحبك حقيقةً، فقد يكون أقرب الناس لك، ولكنه يحمل منك بعض الضغينة، وقد يكون العكس تمامًا، شخص لا تعرفه ولم تلتقيه يومًا، لكنه يحبك في الله.. فهذا نبي الله يوسف عليه السلام مضرب المثل، في كشف حقيقة ما يدور في القلوب، فأما القريب فقال : « اقتلوا يوسف» .. وأما الغريب فقال : « أكرمي مثواه» .. فاسأل الله عز وجل وفقط محبة الناس، إذن الألفة والمحبة والمودة والغلاوة إنما هي رزق يحفظه توفيق الله عز وجل للعبد لفعل ما يحفظ المحبة، وقد يفسد العبد ما سيق له من الرزق بخذلان الله للعبد، لحكمة أو ذنب أو ابتلاء.. فلحذر الجميع أن يمنع رزق وراءه محبة الناس!.

اختيار الله

هؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاشك كانوا اختيار الله عز وجل له، فتراهم جميعهم يتمنون الموت، دون أن يصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي مصاب، ولو شوكة في إصبع قدمه، وكانوا يلتفون حوله لينهلوا من علمه واقتداء به وإيمانا برسالته، وذات يوم قدم أحد الصحابة على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال مابك فقال الصحابى والله ما بي من شيء غير أنى إذا غبت عنك يارسول الله اشتقت إليك وتذكرت الآخرة فأيقنت أنى لن أراك فى الآخرة لأن منزلتك أعلى من منزلتى بكثير فحزنت فأجابه الرسول بأن من أطاع الله ورسوله يدخل الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ثم نزلت آية تشير إلى ذلك، قال تعالى: «وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا» ( النساء 69).

اقرأ أيضا:

أحلق شعري زيرو أثناء الامتحانات حتى لا أخرج وأركز فى مذاكراتى.. يتهموننى بضعف الإرادة وأنى معقد

ربما لا تعلمهم

أيضًا قد يحبك البعض، وأنت لا تعلم، ومن هؤلاء مثلا، جيرانك، قد لا تكون المعاملات كما في السابق، أيام كانت جميع الأبواب مفتوحة أمام الجيران، لكن ربما هناك من يحبك في الله دون مقابل، فاعمد إلى معاملة الناس معاملة طيبة، تترك أثرًا في النفوس، فيدعو لك هذا الشخص دون أن تدري، بل اسأل الله عز وجل دومًا أن يحبك الناس، فعن أبي كثير يزيد بن عبد الرحمن حدثني أبو هريرة قال كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي قلت يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اهد أم أبي هريرة فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعت أمي خشف قدمي فقالت مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته وأنا أبكي من الفرح قال قلت يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا قال قلت يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب عبيدك هذا يعني أبا هريرة وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني.