مما يؤسف له أن كثيرًا من الفلاسفة، أو ممن يدرسون بعض علومها، يهاجمون الإسلام، بل وبعضهم يعتقد في أن الإسلام (عادى) الفلسفة، أولا يدري هؤلاء أن المسلمون هم من أول من اهتم بالفلسفة، كيفن ينسون ابن خلدون وابن رشد، وكيف لهم أن ينسون الفارابي؟.. ألم يعلموا أن المنصفين من كتاب التاريخ اعتبروه (المعلم الثاني) أي أنه يأتي في علم الفلسفة بعد أرسطو مباشرة.. وإطلاق الاسم جاء بسبب اهتمام الفارابي بالمنطق.. لأن الفارابي هو شارح مؤلفات أرسطو المنطقية.
وقد وصفه كتاب التاريخ بأنه كان (زكي النفس، قوي الذكاء، متجنباً عن الدنيا، يسير سيرة الفلاسفة المتقدمين)، وكانت له قوة في صناعة الطب وعلم بالأمور الكلية منها، ولم يباشر أعمالها، ولا حاول جزئياتها. يعود الفضل إليه في إدخال مفهوم الفراغ إلى علم الفيزياء.
كان والد الفارابي قائد جيش، وجاء إلى بغداد وهو في سن الأربعين، ثم تنقل بين مصر وسوريا وحلب وأقام في بلاط سيف الدولة الحمداني ثم ذهب لدمشق وبقي فيها حتى وفاته عن عمر 80 عاما ووضع عدة مصنفات وكان أشهرها كتاب حصر فيه أنواع وأصناف العلوم ويحمل هذا الكتاب إحصاء العلوم.
ويبدو أن زهد وانطواء الفارابي كانا سببًا في تميزه في علم الفلسفة، حتى آمن بوحدة الحقيقة حيث كان يعتقد أن الحقيقة الطبيعية الفلسفية واحدة وليس هناك حقيقتان في موضوع واحد بل هناك حقيقة واحدة وهي التي كشف عنها أفلاطون وأرسطو.
وبرأيه أن كل الفلسفات التي تقدم منظومة معرفية ينبغي أن تحذو حذو أفلاطون وأرسطو، وتعد النظرية التي تسمى بالصدور والفيض أبرز ما يميز الفارابي.
كما وضع مقارنة بين حقائق النبي وحقائق الفيلسوف، وفي ذلك يقول الفارابي: إن معرفة الحقائق القصوى كلها مصدرها الله لكن فرق بين حقائق النبي وحقائق الفيلسوف فالفيلسوف يتلقى الحقائق بواسطة العقل الفعال فتكون طبيعتها عقليه وليس حسية، الرسول تأتيه المعارف منزلة من عند الله بتوسط الملك جبريل عليه السلام ويتلقى الوحي بالمخيلة ثم يتم تحويل الصور المتخيلة إلى صور ومعاني تنقل للناس.
اقرأ أيضا:
أصحاب الذنوب يخافون من الموعظة ثم يعودون للمعاصي.. ما الحل؟