مرحبًا بك يا عزيزتي..
لاشك أن هذا الخوف له أسباب ولكنك لم تذكريها، فهناك أحداث في تفاصيل مرحلة الطفولة أدت بك إلى هذا الخوف، وأشهرها التعرض لأذى جسدي، تحرش، أو ضرب، إلخ مما جعلك تخافين هكذا من الغرباء أو التواجد بمفردك.
ولاشك أن مرحلة الطفولة، والعلاقة مع الوالدين من أهم مكونات الشخصية، وآثارها لا تنمحي، فلو أن هناك علاقات سوية، وبيئة صحية، فستكون الشخصية متزنة، وسوية نفسيًا ولو كانت هناك علاقات مشوهة وبيئة غير صحية بعا إساءات جسدية أو نفسية فسينعكس هذا بالطبع على الشخصية أيضًا ولكن بشكل سلبي.
هناك يا عزيزتي أشياء بينها ارتباطات حتمية، منها، وهو ما يهمنا في حالتك، الصورة الذاتية وعلاقتها بالثقة في النفس.
وما يبدو من رسالتك أن صورتك الذاتية عن نفسك لا ترضيك، ولا تحبينها، صورتك الذاتية عن نفسك مشوهة بسبب ما تعرضت له منذ الصغر من تنمر، وسخرية، وتحقير، ورفض، وصدقته أنت عن نفسك، وهو ما يفسر عدم حبك للظهور بأي شكل لا من خلال الإجابات الشفوية ولا حتى التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فأنت دائمًا تتوقعين التعليقات السلبية واطلاق الأحكام من الآخرين على شكلك، صوتك، حركاتك، إلخ، لذا تتفادين مشاعر الحزن بسبب ذلك بعدم الظهور بالكلية، والانطواء والعزلة عن الناس، ولو اقتضت الضرورة تواجدك فتكونين قلقة طيلة الوقت أو معظمه، فيما يسمى بـ "القلق الاجتماعي"، وهو اضطراب نفسي له علاج.
فما الحل إذا؟
ما تعانين منه ليس نهاية العالم، ولست وحدك من يعاني منه، فهناك مثلك كثيرات لسن راضيات عن صورتهن الذاتية، بسبب نمط الحياة الذي عشن فيه في طفولتهن، وما وقع عليهن من أذى نفسي، والحل هو "القبول"، لابد أن تقبلي نفسك وتحبينها كما هي.
لابد أن تتغير طريقة تفكيرك عن نفسك، الناس، العلاقات، الحياة.
وهذه يا عزيزتي رحلة تغيير مهمة، ومطلوبة، ومن الجيد، والأفضل لك خوضها الآن، فأنت لا زلت صغيرة، وعلى عتبات الرشد، والدخول إلى المرحلة الجامعية، وما بعدها من مراحل، تتطلب نضجًا، ووعيًا، ونموًا نفسيًا يعين على مواجهة الحياة، وصعوباتها، وتحدياتها، وتجاوز هذا كله لإحراز نجاحات وتحقق للذات.
ما حدث من إساءات نفسية في طفولتك ليس مسئوليتك، ولكن مسئوليتك الآن هي التعافي من هذه الاساءات.
وهذا التعافي لن يحدث بين يوم وليلة، ويحتاج إلى وعي، وإرادة، وشجاعة، ويمكنك فعله بمفردك مع نفسك أو بطلب المساعدة النفسية المتخصصة من مرشدة أو معالجة نفسية، فمن الخير لك أن تكون معك يد تسند، وعين ترى، وعقل يفكر ويبصر، ونفس تدعم عن علم ووعي وبصيرة.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.