الأصل أن من يشهد هذا الشهر يصوم، ولكن ليس كل من شهد الشهر صام وقام وأدى حق هذا الشهر، والحديث هنا سوف يكون عن "العادات السلوكية" التي نحتاج أن تكون لدينا ونتزود بها، ونطورها، لتعيننا على أداء حق شهر الصيام (شهر رمضان).
لذلك لدينا عدة نقاط نحتاج إلى تعريفها لتعطينا إشارات، وتطبيقات ، من الممكن أن تكون مفيدة في هذا الشهر الفضيل.
في العادة نُعرِّف السلوك الإنساني بعدة تعريفات، وهذه التعريفات تستند إلى مدارس ونظريات متعددة، وما سنعتمده هنا هو منحى "العلاج المعرفي السلوكي"، وهو يعني معالجة أساليب وطرق ومنحى طرق التفكير، وأيضاً معالجة السلوك وردود الفعل بحيث نُحسّن من ردود فعل الإنسان.
فهو يعنى بالمشاهدات السلوكية لسلوك الإنسان. وهو يعتمد على الموقف الذي حدث فيه السلوك.
1- بداية نقوم برصد الخواطر والأفكار التي طرأت في ذهن الشخص.
2- ثم ما هي المشاعر التي انتابت الشخص نتيجة هذه الفكرة، وهذه المشاعر ممكن أن تكون خوف أو قلق وتوتر أو غضب أو ابتهاج وسرور، أو غيرها.
3- ثم ما هي العوارض الجسدية التي انتابته نتيجة هذه المشاعر. منها زيادة في نبضات القلب أو زيادة تعرق أو تغير في طريقة التنفس، وغيرها.
4- وفورًا يقرر الفرد بناء على ما سبق اتخاذ السلوك حسب الموقف الذي هو فيه.
فإذا الأساس هو "الفكرة الأوتوماتيكية والذي نتج عنها الشعور ثم العوارض الجسدية والذي أدى للسلوك".
• فإذا اختلفت الفكرة يتغير السلوك.
• فسلوكنا نتيجة ما يخطر في بالنا فورًا.
• ويختلف تعامل البشر مع الموقف الواحد نتيجة اختلافهم في أنماط تفكيرهم وردات فعلهم تجاه هذا الموقف.
وهذا ما يحدث في رمضان فأحياناً بعض الناس نتيجة لجوعه يحدث أحيانًا أن ينهبط مستوى السكر في الدم فيصبح الشخص أكثر حدة في ردة الفعل وأقرب لتفسيرات الغضب.
وفِي الجانب الحياتي اليومي ننظر إلى سلوك الإنسان بأنه مع الوقت يتطور ليصبح شكلًا أو نمطًا من العادات السلوكية، وعلى الأغلب أن كل واحد من البشر يعاني من عادات سلوكية يحاول التخلص منها.
اقرأ أيضا:
الزواج ليس نهاية الحكاية .. 7 أشياء يبحث عنها الرجل في المرأةكيف تتكون العادة السلوكية؟
تتكون العادة السلوكية بالسلوك المتكرر، فكلما قمنا بالسلوك أكثر من مرة، فـمع المدة هذا السلوك سوف يصبح عادة.
وذلك لأن الفكرة خطرت في ذهن الشخص أول مرة، وبما أنها خطرت في ذهنه أول مرة فيصبح من السهل أن ترجع مرة أخرى، وكذلك ردود الفعل الجسدية، إذ من السهل سهلة أن ترجع مرة أخرى، فبالتالي هنا يتطور لدى الفرد نمط سلوكي معين.
كيف يساعد الصيام على تغيير السلوك والارتقاء به؟
الآن، وبما أن العادات السلوكية تتطور، فكيف يساعد الصيام (الحقيقي وليس الجوع) في تغيير، وتشذيب، العادات السلوكية والارتقاء سلوكيا؟
لنتفق أن الصيام الآن يتبعه الأجر العظيم من رب العالمين، في الحديث الصحيح:
روى البخاري (1761) ومسلم (1946) عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ . . . الحديث ) .
فبالتالي يتضح لنا بالمعني العميق للحديث الشريف بأن عبادة الصيام من دون العبادات الأخرى هي تهذيب لهذا الجسد الذي يجوع، ويتعب، ويبذل الجهد في سبيل نيل رضا الله تعالى، فمتى يهذب هذا الجسم؟ عندما يكون الموضوع ليس الجوع فقط، بل في النية، والحديث هنا عن النية الشرعية، فالنية هنا مهمة، فإذا اقتصر الموضوع على نية الجوع فقط، فسوف يقضى الصائم نهاره بالإنتقاد من التعب والجوع والإنهاك وعدم التحمل لهذا الجوع.
بينما عندنا تكون "النية" في داخل الصائم بأنه بهذه العبادة، يتقرب إلى الله، يتغير المفهوم تمامًا، ويصبح الصائم مستحضرًا لحقيقة الصيام، وأنه يريد أن يرتقي في هذا الصيام في درجات الإيمان.
وبالتالي هذا يفسر اختلاف سلوك الصائمين، وذلك حسب نيتهم عند تعرضهم للمواقف الحياتية المختلفة.
وقد يكون الصائم نيته هو أن يكون صومه لله، ولكنه لا يمتلك المهارات السلوكية، ولا يعرف طرق ضبط النفس لكي يتم صيامه على الوجه المطلوب.
د. يوسف مسلم
استشاري العلاج النفسي – الأردن
*بتصرف يسير
اقرأ أيضا:
قواعد الحزن السبعة.. هكذا تواجههااقرأ أيضا:
خطيبتي خلوقة وتصلي لكنها تدخن.. هل أفسخ الخطوبة؟