أمور عديدة حافظ عليها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان المبارك، ومنها تلاوة القرآن والصلاة والذكر، لكن من أبرز الأمور التي اعتادها النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم في أواخر سنوات عمره، كان الاعتكاف، ففي الصحيحين من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده .. وفي العام الذي قبض فيه صلى الله عليه وسلم ( اعتكف عشرين يوماً )، أي العشر الأواسط والعشر الأواخر جميعاً.. والسبب أن سيدنا جبريل عليه السلام عارضه القرآن في تلك السنة مرتين ، فناسب أن يعتكف عشرين يوماً ، حتى يتمكن من معارضة القرآن كله مرتين .
الشكر الموصول
يقول العلماء: إن الاعتكاف إنما أقصر الطرق لشكر الله عز وجل على كل ما كان منه طوال العام، فكأن العبد يشكر الله عز وجل على ما منحه إياه طوال العام في عشرة أيام فقط، وكان صلى الله عليه وسلم يدخل معتكفه قبل غروب الشمس فإذا أراد مثلاً أن يعتكف العشر الأواسط دخل المعتكف قبل غروب الشمس من ليلة الحادي عشر ، وإذا أراد أن يعتكف العشر الأواخر دخل المعتكف قبل غروب الشمس من ليلة الحادي والعشرين .. كما كان صلى الله عليه وسلم لا يعود مريضاً ، ولا يشهد جنازة ، وذلك من أجل التركيز والانقطاع الكلي لمناجاة الله عز وجل، إلا أنه روي عنه أن صلى الله عليه وسلم كان يخرج رأسه وهو معتكف في المسجد إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي في حجرتها ، فتغسله وترجله ، وهي حائض، (والمعروف أن حجرة السيدة عائشة كانت بجوار المسجد).
اقرأ أيضا:
كلما رأيت الخير.. أسرع الخطى إليهالاعتكاف وكورونا
لكن يوافق هذا العام، للأسف انتشار فيروس كورونا، وبالتالي اتخذت الدول الإسلامية عددًا من الإجراءات للحد من تفشي هذا الفيروس الخطير، ومنها إلغاء الاعتكاف، فهل يجوز الاعتكاف في المنزل؟.. فإن دار الإفتاء المصرية أفتت بأنه لا يجوز الاعتكاف في المنزل، ولكن هناك بدائل أخرى من الذكر وقراءة القرآن. فليجعل كل منا بيته منارة للذكر كل ليلة، يتدارس القرآن مع أسرته، ويصلي التهجد، وهي أمور تجوز، بل وتناسب الظرف القائم، وفي ذات الوقت تلائم الجميع، عسى أن يرفع الله عنا البلاء والوباء، وتعود مساجدنا كما كانت طوال تاريخها منيرة وعامرة طوال الشهر الفضيل بالاعتكاف والذكر الحكيم.