هناك اهتمام متزايد في العقدين الأخيرين حول العلاقة بين الصحة النفسية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى الرغم من أن الأبحاث وجدت ارتباطًا بين زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في المراهقين والشباب وزيادة مشاكل الصحة النفسية لديهم, إلا أنه ليس من الواضح حتى الآن كيف يرتبط استخدام مواقع الترابط الاجتماعي بهذه المشاكل.
إطلالة عامة على مواقع التواصل
تعرف مواقع التواصل بأنها من أشكال التواصل الإلكتروني، التي ينشئ المستخدم من خلالها مجتمعًا افتراضيًا يتبادل فيه المعلومات والأفكار والرسائل الشخصية ومحتويات أخرى. وقد عرف مصطلح مواقع التواصل الاجتماعي لأول مرة عام 2004 حين استخدم في جامعة هارفارد للتواصل بين الطلاب وأساتذتهم, ثم انتقل استخدامها إلى المجال العام وانتشرت انتشارًا واسعًا في العالم كله, وبدا في ذلك الوقت أنها سهلت التواصل إلى حد غير مسبوق بين الناس, وأصبح 73% ممن يستخدمون الإنترنت يدخلون على مواقع التواصل الاجتماعي.
أهم خمس مواقع للتواصل الاجتماعي : هي Face book, Twitter, Instegram , Linkedln and Pinterest ويقف الفيس بوك على رأسهم حيث يستخدمه 71% ممن يدخلون على الإنترنت, ومستخدموه ليسوا فقط كثيرين في العدد بل هم أيضا نشطون في استخدامه, فقد وجد أن 63 % من مستخدميه يدخلون عليه على الأقل مرة يوميا, وأن 40 % يدخلون مرات عديدة يوميا.
وهذا الاستخدام الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي ينشأ من انتشار الهواتف الذكية ووجود شبكات تواصل وتطبيقات عليها مما سهل على مستخدمي الإنترنت التواصل والتسلية باستخدام جهاز صغير في أيديهم يتيح لهم أشياء كثيرة ممتعة, والدليل على ذلك أنه في السنة الأخيرة كان هناك 300 مليون مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي يعتمدون على جهازهم المحمول فقط.
لماذا نهتم بمواقع التواصل الاجتماعي :
93 % من مستخدمي الإنترنت يدخلون على واحد من مواقع التواصل الاجتماعي على الأقل.
93 % من مستخدمي مواقع التواصل يستخدمونه لأغراض تسويقية.
37 % يستخدمونها لإصدار برامج.
يتزايد مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بشكل أسرع من مستخدمي البريد الإلكتروني وصفحات الشبكة العنكبوتية الأخرى.
عناصر التواصل الاجتماعي :
• منصات : أصلية (موقع للتواصل الاجتماعي, مدونة, ملتقى), أو نوعية (Huffington post, Twitter, Linkidln, etc)
• محتوى : أصلية (صور, منشورات مدونة, فيديوهات), أو نوعية ( فيديو الكرمة مقابل فيديو اليوتيوب).
• أجهزة: هاتف محمول, تابلت, لوحة مفاتيح.
• الجماهير : والجماهير يحركون المحتوى.
أكثر مراحل العمر استخداما :
على الرغم من أن مواقع التواصل الاجتماعي متاحة للجميع إلا أن الشباب هم أكثر نشاطا في استخدامها, فقد وجد سميث (2013) في بحثه أن 84% من أصحاب الفئة العمرية 18-29 متواجدون على الفيس بوك أكثر من أي فئة عمرية أخرى, وهذه الفئة هي أكثر قابلية لاضطرابات الصحة النفسية الناشئة عن استخدام مواقع التواصل, وقد وجد أن واحد من كل أربعة مستخدمين يعاني من الاكتئاب, وهذه الحالات للأسف في ازدياد مستمر مع الوقت.
الدوافع لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي:
• الإفصاح عن الذات على مواقع التواصل الاجتماعي ينشط منظومة الحافز الداخلي في المخ بنفس طريقة وقوة حوافز أولية كالطعام والجنس.
• الإحتياج للانتماء.
• إشباع احتياج الفرد للشعور بقيمته ونزاهته.
• التواصل مع الأصدقاء الحاليين والقدامى.
• تكوين أصدقاء جدد.
• التواصل مع أفراد العائلة.
• الوصول لشركاء رومانسيين وإقامة علاقات عاطفية.
• قراءة تعليقات المشاهير والسياسيين.
فوائد مواقع التواصل :
• تشير بعض الدراسات أن التواجد على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون مفيدا للصحة النفسية.
• عمل بروفايل على الإنترنت والاندماج في نشاط التعبير عن الذات يمكن أن يعزز تقدير الذات ويقلل الإحساس بالاغتراب الاجتماعي.
• الإبداع فيما يضعه الشخص على صفحته يحسن صورة الشخص وربما يسهل له فرص الحصول على وظائف محتملة.
تأثيرات استخدام مواقع التواصل :
• أكدت العديد من الدراسات أن ثمة علاقة بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الإضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق والسلوكيات القهرية والشعور بالوحدة والنرجسية. ويرى الباحثون أن ثمة حاجة لبذل المزيد من الجهد في أبحاث جديدة لمعرفة العوامل التي تؤدي إلى تلك النتائج السلبية مع استعمال وسائل التواصل وكيفية تفاديها.
• في عام 1995 منح مشروع HomeNet فرصة للدخول على الإنترنت لـ 93 ألف شخص لم يكن لديهم اتصال بالإنترنت قبل ذلك وحاول تقصي حالتهم النفسية على مدى سنوات ووجد أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي كان مصحوبا بدرجات أكبر من الشعور بالوحدة والاكتئاب .
• وفي عام 2012 اشتق Rosen , Cheever , and Crrier كلمة “iDisorder” (بمعنى اضطراب الإنترنت) ليصفوا العلاقة السلبية بين تكنولوجيا الاتصالات والصحة النفسية. وقد وجد الباحثون أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يزيد من احتمالات الإصابة بالاكتئاب الجسيم, واعتلال المزاج, والاضطراب الوجداني ثنائي القطب, والنرجسية, والشخصية المضادة للمجتمع, والسلوكيات القهرية.
د. محمد المهدي
أستاذ الطب النفسي – جامعة الأزهر