بالتأكيد لو أراد أحدهم أن يكتب عن غزوة أحد، لو ظل يكتب عشرات المجلدات ما انتهى من فضلها ولا من عبراتها ومواعظها ودروسها، لكن نحاول تقديم بعض هذه العبر والدروس المستفادة، ولعل أبرز وأهم هذه العبر والمواعظ والدروس، هو ضرورة الثقة واليقين في صدق موعود الله تعالى لأوليائه وأحبابه.
قال تعالى: «بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150) سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151) وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ» (آل عمران: 150 - 152)، نعم فمن صدق في وعد الله لا يمكن إلا أن يمنحه الله ما يريد، فكيف بك تثق كل هذه الثقة في وعد الله، وهو يردك خائبًا!.. مؤكد لا يمكن أبدًا حدوث ذلك.
اليقين في أقوال الرسول
أيضًا من أهم الدروس والعبر من غزوة أحد، ضرورة اليقين والثقة التامة والتصديق التام، لكل ما يقوله الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، ولما لا، وهو في بداية الحرب تنبأ باستشهاد عمه حمزة ابن عبدالمطلب، وقد كان، أيضًا الدرس الأعظم عدم مخالفة أوامر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم مهما كانت النتائج والأسباب، لأنه صلى الله عليه وسلم، لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، وبالتالي فإن السير خلفه، إنما هو تنفيذ أوامر الله عز وجل بذاته العليا، فلما طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه (الرماة) عدم النزول من الجبل، إلا أنهم خالفوا ذلك فكانت النتيجة الهزيمة، وانظر هنا إلى الموقف الإلهي، لم يغير الله عز وجل، وهو القادر على ذلك دون شك، النتيجة، ولم يوقف تقدم الكفار، لكنه تركهم ينتصرون، وما كان ذلك إلا للتأكيد أن سماع أوامر النبي إنما هي من أوامر الله عز وجل أيضًا.
غربلة المؤمنين
أيضًا من أهم ما حملته غزوة أحد، هو كشف أو قل غربلة المنافقين، فكشفهم، وكشف أن هناك من يريد الطعن في الإسلام، وهو للأسف يحسب نفسه منهم، ولبيان خطورة إتيان الهزيمة من قِبل أبناء الإسلام والدعوة الإسلامية، حين تغريهم الدنيا بزخارفها.
لذلك يقول المولى عز وجل تحقيقًا لذلك: « أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (آل عمران 165)، لكن أيضًا من الدروس العظيمة، إثبات المحبة الخالصة للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهو ما أبداه وأظهره الكثير من المسلمين، بل أن كثير منهم أعلنها صراحة فدائه صلى الله عليه وسلم بنفسه وماله وأهله.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها