نتعرض خلال الحياة لمعاركها، وتحدياتها، ونخوض صعابها، التي منها أن نجد أنفسنا مسئولين عن رعاية مريض من أحبائنا، سواء كان مرضه جسديًا أو نفسيًا فالأمر ليس هينًا.
كثيرًا ما تستهلك رعاية المريض طاقتنا، وجلدنا، فالأمر مرهق بالفعل، خاصة لو كنت شخصًا غير متفرغ، ولديك مسئوليات ومهام أخرى متعددة في الحياة.
ومن هنا تبرز أهمية المثل الذي يضرب دائمًا في مثل هذه الحالات وهو، ضرورة ارتداءك أنت أولًا لقناع الأوكسجين لو كنت على متن طائرة قبل أن تساعد الركاب على ارتدائه.
فالعناية بالنفس ليست رفاهية، بل هي خطوة مهمة، وضرورية، بدونها لا تستطيع تقديم الدعم والمساعدة والرعاية لنفسك ولا الآخرين.
وعندما يؤثر التوتر على جسمك بالكامل، جسديًا وعقليًا، ستشعر بالصداع، وانخفاض الطاقة، واضطراب في المعدة بما في ذلك الإسهال والإمساك والغثيان، والأوجاع والآلام في كل الجسد، وتوتر العضلات، وتعاني من الأرق، وتبقى حائرًا لا تدري ما يحدث لك، والحقيقة أنها آثار "التوتر".
لذا، ابدأ بتحديد كيف تشعر بالتوتر، ثم حدد الأحداث أو المواقف التي تسبب لك التوتر، التي بمجرد معرفتها ستكون مستعدًا للتعامل معه إن حدث، أو تجنب حدوثه منذ البداية.
اقرأ أيضا:
ماذا تفعل عندما يتعامل ابنك المراهق معك بـ"وقاحة"؟ثانيًا: لابد من العناية بجسمك، فبدون ذلك لن تستطيع دعم ورعاية صحتك النفسية والعقلية، فالجسم الصحي، القوي، هو القادر على فعل الكثير لك ولغيرك، لذا لابد من تقويته ورعايته والعناية به عبر عدة وسائل وهي:
- تمرين الجسم يوميًا وتحريكه من الأدوات المهمة لتقويته، وليكن هذا بأبسط الأشكال المتوافرة، مثل، صعود السلالم، والجري، وركوب الدراجات، الانضمام إلى صالة ألعاب رياضية "جيم"، فممارسة هذا يوميًا سيؤدي إلى إنتاج هرمونات تخفف التوتر في جسمك وتحسن صحتك العامة.
- تناول أطعمة صحية غير مصنعة، والاعتماد بشكل رئيس على الحبوب الكاملة، والخضراوات، والفاكهة الطازجة، سيقلل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، والمساعدة في استقرار مستويات الطاقة والمزاج.
-أخذ القسط الكافي من النوم من أدوات تحسين صحة الجسم، إذ يحتاج البالغون عمومًا إلى سبع إلى تسع ساعات من النوم، وقيلولة قصيرة - تصل إلى 30 دقيقة - يمكن أن تساعدك على الشعور باليقظة مرة أخرى خلال اليوم، وحتى 15 دقيقة من النوم أثناء النهار مفيدة، ولجعل نومك ليلاً أكثر أهمية، مارس عادات النوم الجيدة، مثل تجنب استخدام أجهزة الكمبيوتر والتلفزيون والهواتف الذكية قبل النوم.
- يعتبر التنفس العميق والتأمل واسترخاء العضلات التدريجي طرقًا سهلة وسريعة لتقليل التوتر، وعندما تنشأ خلافات بينك وبين أحد أفراد أسرتك، يمكن أن تساعدك هذه الأدوات على الشعور بأن المشاعر المضطربة أقل تحكمًا وتمنحك المساحة التي تحتاجها للتفكير بوضوح حول ما يجب فعله بعد ذلك.
- توفير وقت لـ "شحن نفسك"، ضرورة لو كنت تعتني بشخص مريض عضويًا أو نفسيًا، إذ يكون من الصعب أن تجد وقتًا لنفسك، وحتى عندما تفعل ذلك، قد تشعر بالتشتت من خلال التفكير في ما "يجب" عليك فعله بدلاً من ذلك، لذا تعلم تخصيص وقت لنفسك دون الشعور بأنك تتجاهل المريض، وذلك بالخروج لمدة لا تزيد عن خمس دقائق، في منتصف يوم مليء بالالتزامات، لتذكر نفسك بنفسك، ولا يتم استنزافك واستهلاك طاقتك في المسئوليات، وليكن هذا الوقت الذي تشحن فيه نفسك بتثبيت موعد شهري مع أصدقاء تحبهم لتناول وجبتكم المفضلة معًا مثلًا، أو الاجتماع معهم حول مشاهدة فيلم كوميدي، أو ممارسة هواية، المهم أن يصبح هذا "الشحن لنفسك" جزءًا من روتينك، وضع نصب عينيك دائمًا القاعدة:" من لا يهتم بنفسه لا يمكنه الاهتمام بأي شخص".
- مارس الامتنان يوميًا ولاحظ إيجابيات يومك، ولو كانت صغيرة، ضئيلة، ولا تستهن بهذه العادة العقلية الجيدة، فلو فكرت هكذا ستجد أن تجربتك خلال اليوم كانت إيجابية مهما تخللتها الصعاب، وستشعر بالرضى والطمأنينة وتطرد التوتر.
- حذار من مشاعر الذنب، احتوي نفسك بمحدوديتها، وضعفها، واغفر لنفسك إن نسيت مثلًا موعد الدواء واستدركت وأصلحت الأمر، فسياسعدك هذا التفكير على التخفيف من التوتر، وعدم السماح له بالسيطرة عليك وأضعافك، وإفشالك.
- لا تتردد في البحث عمن يشبهك، فأنت لست وحدك من يتعرض لتجربة رعاية مريض بكل ما فيها من صعوبات وإرهاق نفسي وجسدي، فهناك "مجموعات دعم"، لطمأنتك بأن عددًا لا يحصى من الأشخاص الآخرين قد واجهوا تحديات مماثلة، والتحدث عن تجاربك يمكن أن يساعد، وفكرة أنك تستطيع أو ينبغي أن تكون قادرًا على "حل" كل الأشياء بنفسك هي فكرة خاطئة، فهذه ليست مهارة ولا "شطارة، وإنما المهارة أن تقبل المساعدة، فهذه مهارة حياتية رائعة.
- وأخيرًا، ابق على اتصال مع الآخرين، لا تجعل رعايتك لمريضك تقطع اتصالك بالعالم، فقد تشعر بأنه لم يعد لديك وقت لذلك، أو طاقة، ولكن ما لا يدرك كله لا يترك كله، ثبت مواعيد للتواصل شهرية ونصف شهرية وكل 3 أشهر وهكذا، المهم ألا تغيب عن المشهد، وأن تبقى متواصلًا في مجتمعك مع أشخاصه وأحداثه، وأن تدرك أن رعايتك لمريضك هي جزء من حياتك، وليست "كل" حياتك.
اقرأ أيضا:
7 قواعد تكسب بها الآخر أثناء الخلاف في الرأياقرأ أيضا:
أعباء الحياة تجعل نفسيتي غير مستقرة ولا أستطيع الوفاء بحقوق زوجتى الشرعية.. ما الحل؟