قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي إنه يتعين على المسلم أن يستشعر مناسك الحج في حياته العملية؛ حتى يكرمه الله بالحج.
وفي رابع حلقات برنامجه لموسم الحج «منازل ومناسك»، تناول خالد بالشرح منزلة التوكل الله، وعلاقاتها بمناسك الحج الكبرى، قائلًا: «مهما فعل المسلم من أعمال صالحة طوال أيام السنة لن تساوي في درجة ثوابها عند الله هذه الأيام العشرة العظيمة، والأحب إلى الله".
وعرّف خالد معنى التوكل على الله بأنه في اللغة يعني: «الاعتماد والاتكاء»، ومعناه في الدين: «هو الاعتماد الكامل على الله وحده، واللجوء الكامل إلى الله».
في حين أشار إلى أن معنى التوكل في علم النفس الإيجابي هو «أن الانسان بطبيعته كائن اعتمادي يحتاج دائما إلى سند يؤنسه، ويعتمد عليه»، لافتًا إلى أن التوكل في معناه يظهر جليًا في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «يا سند من لا سند له يعاون من لا عون له»، ويظهر كذلك رسالة التوكل في قول الله تعالى «الله الصمد»، ويعني: «الذي يُلْجَأُ له عند الشدائد».
وأضاف خالد، أن الله اشترط على عباده شرطًا لكي يقبل توكلهم عليه، وهو أن يبذل الإنسان غاية جهده في الوصول إلى هدفه؛ ثم يتوكل الله والله يكرمه بتحقيقه.
وتابع قائلًا: «التوكل هو بمثابة عقد توقعه مع الله بأن يحقق لك غايتك، ويبارك لك فيها، ولكن شريطة أن تبذل جهدك لتحقيق هذه الغاية، ثم تتوكل على الله وتدعوه أن يتم هذا الأمر عليك بالخير».
وأوضح أن علاقة التوكل على الله بمناسك الحج، في ذاتها هي تدريب على التوكل، وكأن الله سبحانه وتعالى يقول للحجيج والبالغ عددهم ثلاثة ملايين إنسان: عودوا إلى دياركم وأنتم تعلمتم التوكل عليّ، فبدون التوكل على الله لن يستطيع الحاج أن يكرر رحلة الحج لأن بها مشقة عظيمة، وتحتاج إلى التوكل على الله حتى ييسرها عليه.
وروى خالد قصة حجة لأول مرة، قائلًا: «كنت رفقة زوجتي في الحج، وطلب مني البعض مصاحبة سيدة مسنة في طواف الإفاضة، وعندما قدمت للطواف بها وجدت الملايين تطوف وكان الأمر صعبًا عليّ جدًا فقلت حينها: «توكلت عليك يا الله»، وسبحان الله حينها أنجزت الطواف والسعي رفقة السيدة العجوز، وفي سرعة كبيرة لم تتجاوز 45 دقيقة، رغم أن الوقت الطبيعي يصل بين ساعتين وثلاث ساعات، ولكن سبحان الله بعد أن توكلت عليه لا أعرف كيف أنجزت هذا الطواف والسعي في وقت قياسي يكاد يكون مستحيل تحقيقه».
وأردف خالد: «في طواف الإفاضة ترى قول الله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس)، وهو بالفعل فيضان من البشر، أما عن علاقة مناسك الحج بالتوكل على الله، فالحج كله هو عبارة عن توكل على الله، وخاصة منسك السعي بين الصفا والمروة، والذي يذكرنا بأمنا هاجر رضي الله عنها، حينما كانت تحمل رضيعها إسماعيل عليه السلام، ولا تجد المياه وليس معها أحد، وفي صحراء جرداء، فوضعت رضيعها على الأرض ثم تحركت في مسافة 500 متر تسعى بين الصفا والمروة، فتصعد لترى هل من أحد ينجدها، وكررت ذلك 7 مرات، يعني أنها قطعت مسافة 3500 متر، حتى خارت قواها».
وأكمل خالد: «الحاج هو تدريب على الجهد وبذل الجهد، والعلة في كون السعي سبع أشواط بين الصفا والمروة هي أنها بدأت تخار قواها؛ وحينها بعد أن بذلك كل جهدها لتصل إلى غايتها في الحصول على المياه، رزقها الله المياه ليس من مكان سعيها، بل أسفل قدمي رضيعها، وكأنها رسالة من الله أن تبذل جهدك، والله عليه أن يرزقك من حيث يريد حتى لا تظن أن جهدك هو الذي أتى بالنتيجة والخير، لا وإنما التوكل هو الذي أتى لك بالخير، ومن يرفض بذل الجهد ويدعي أن متوكل على الله، إنما هو قطع العقد الذي بينه وبين الله وهو شرط الوكالة أن يبذل جهده قدر استطاعته ثم يتوكل على الله».
وأردف: «تعلمت شيئا جميلًا في هذه الدنيا، وهو عندما أصبح كل يوم أقول: «حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم» سبع مرات وعلة هذا الحديث الذي يعلمه لنا النبي صلى الله عليه وسلم؛ إنه يرسخ في عقلك الباطن فكرة التوكل على الله، ولذلك أعيش حياتي بفكرة التوكل على الله قبل أن أفعل أي شيء أقول توكلت على الله حتى أنني أصبحت لا أنطقها بلساني، ولكني أقولها بقلبي لأنني بدأت استشعارها في كياني».