من الدروس المستفادة من الهجرة النبوية المشرفة، حسن إعداد وتخطيط النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لها، فلم يكن ليهاجر إلى المدينة دون تخطيط، وإنما وضع كل السبل والأخذ بالأسباب لهذه المهمة الصعبة والمهمة جدًا.
فقد طلب من الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أن ينام مكانه كنوع من التمويه، ثم ليعيد ما كان لقريش من أمانات لديه إليهم، وجعل أسماء بنت أبي بكر تأتيه بالطعام، واتخذ دليلاً موثوقًا فيه، بل وأمر أحد رعاة الغنم بالسير خلفه حتى تضيع الغنم معالم سيره هو وصديقه أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
الله معنا
أيضًا من أهم أسباب نجاح الهجرة، هو التوكل على الله عز وجل، فكفار قريش لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في الغار، وهنا خشي سيدنا أبي بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن نبينا صاحب القلب المطمئن بالله يطمئنه ويقول له: «يا أبى بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما»، لينزل الله عز وجل آيات تظل تتلى حتى قيام الساعة تكشف مدى معية الله عز وجل لهما، وكيفية حفظهما حتى وصول المدينة المنورة، قال تعالى: «إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» (التوبة 40).
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهامعجزات الهجرة
شهدت الهجرة عددًا من المعجزات، ومنها أنه حينما جعلت قريش 100 ناقة لمن يأتي بمحمد، خرج العديد من الشباب لملاحقته، ومنهم سراقة، وهو بالفعل لحق بالنبي وصحبه، إلا أن فرسه تذوب في الرمل، فينقذه النبي، ثم يعده بسواري كسرى، وهو ما تحقق بالفعل فيما بعد.
وعن قيس بن النعمان قال : (لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر مستخفيان ، نزلا بأبي معبد فقال : والله ما لنا شاة وإن شاءنا لحوامل ، فما بقي لنا لبن ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - أحسبه - : فما تلك الشاة ؟، فأتى بها فدعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالبركة عليها ثم حلب عُسا (قدحا كبيرا) فسقاه ثم شربوا ، فقال : أنت الذي تزعم قريش أنك صابئ ؟ ، قال : إنهم يقولون .. قال : أشهد أن ما جئت به حق ، ثم قال : أتبعك ؟ ، قال : لا حتى تسمع أنا قد ظهرنا ، فاتبعه بعد.