من أهم السنن التي كان يحرص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى في مرضه، هي قيام الليل، ومع ذلك قلما جدًا من حافظ عليها، بل أنه ربما تناساها الناس جيلا بعد جيل، حتى أصبحت مرتبطة فقط بشهر رمضان المبارك.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لا تدع قيام الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدًا)، فكيف بنا نعلم أن رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهو موجهنا وقائدنا وقدوتنا، يهتم كل هذا الاهتمام بقيام الليل، ونحن نغفل عنها؟، خصوصًا أنها صفة المؤمنين، أولسنا منهم؟.
قال تعالى: « تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ » (السجدة :16-17).
عبادة عظيمة
قيام الليل لاشك عبادة عظيمة، حافظ عليها الصحابة الأوائل، والسلف الصالح، يقينًا في أنها تحمل كل الحلول لأي أزمات، والمخرج من أي كرب مهما كان، فكيف بنا نشتكي الكروبات وننسى الطريق إلى الخروج منها، فبينما نحن نغفل عنها.، كان رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، يحافظ عليها حتى تتورم قدماه الشريفتين.
وفي ذلك تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقلت له: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «أفلا أكون عبداً شكوراً»، وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يطلب أن يكون عبدًا شكورًا، فأين نحن من شكر الله؟!، والشاكرون قد وعدهم الله بالزيادة، كما قال تعالى: «وإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ » (إبراهيم:7).
أمر نبوي
هل تعلم عزيزي المسلم، يا من تغفل عن صلاة الليل، أن قيام الليل بالأساس أمر نبوي، فكيف تتبع هذا النبي ولا تنفذ أوامره؟.
إذ يقول صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»، وكيف نغفل عن أعظم عمل يقربنا إلى الله عز وجل، وسبب كبير في تكفير سيئات العبد ومغفرة ذنوبه.
عن عمرو بن عنبسة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد في جوف الليل، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن».