حسن الجواب والرد كما فيه من توفيق الله للإنسان، فيه أيضا من حسن استفادة المرء من تجارب الآخرين ومعرفة أحوالهم، وآدابهم ليستفيد منها، وهو مأمور به لجلب الخير ودفع الشر.
1-قال رجل لبعض الأمراء: أسألك بالذي أنت بين يديه أذل مني بين يديك، وهو على عقابك أقدر منك على عقابي إلا نظرت في أمري نظر من برئي أحب إليه من سقمي وبراءتي أحب إليه من جرمي.
2- وقال آخر: قديم الحرمة وحديث التوبة يمحقان ما بينهما من الإساءة.
3- و أتى الأحنف بن قيس مصعب بن الزبير فكلمه في قوم حبسهم، فقال، أصلح الله الأمير: إن كانوا حبسوا في باطل فالحق يخرجهم، وإن كانوا حبسوا في حق فالعفو يسعهم، فخلّاهم.
4- وجلس الحجاج يقتل أصحاب عبد الرحمن بن الأشعث حينما خرجوا معه ضد الحجاج، فقام إليه رجل منهم فقال: أيها الأمير، إن لي عليك حقا.
قال: وما حقك علي؟ قال: سبّك عبد الرحمن يوما فرددت عنك.
قال: ومن يعلم ذاك؟ فقال الرجل: أنشد الله رجلا سمع ذاك إلا شهد به.
فقام رجل من الأسرى فقال: قد كان ذاك أيها الأمير. فقال: خلّوا عنه. ثم قال للشاهد: فما منعك أن تنكر كما أنكر؟
قال: لقديم بغضي إياك. قال: ويخلى هذا لصدقه.
5- وأسر معاوية يوم صفين رجلا من أصحاب علي رضي الله عنه، فلما أقيم بين يديه قال: الحمد لله الذي أمكن منك.
قال: لا تقل ذاك فإنها مصيبة. قال: وأية نعمة أعظم من أن يكون الله أظفرني برجل قتل في ساعة واحدة جماعة من أصحابي.. اضربا عنقه.
فقال: اللهم أشهد أن معاوية لم يقتلني فيك ولا لأنك ترضى قتلي، ولكن قتلني في الغلبة على حطام هذه الدنيا، فإن فعل فافعل به ما هو أهله، وإن لم يفعل فافعل به ما أنت أهله.
فقال: قاتلك الله.. لقد سببت فأوجعت في السب ودعوت فأبلغت في الدعاء، خليا سبيله.
5- وأخذ عبد الله بن علي عم أبي جعفر المنصور أسيرا من أصحاب مروان فأمر بضرب عنقه.
فلما رفع السيف ليضرب به ضرط الشامي فوقع العمود بين يدي الغلام ونفرت دابة عبد الله فضحك وقال: اذهب فأنت عتيق استك.
فالتفت إليه وقال: أصلح الله الأمير.. رأيت ضرطة قط أنجت من الموت غير هذه؟
قال: لا، قال هذا والله الإدبار.. قال: وكيف ذاك؟ قال: ما ظنك بنا وكنا ندفع الموت بأسنتنا فصرنا ندفعه اليوم بأستاهنا.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟