عمرو بن الجموح صحابي جليل ، وأحد زعماء المدينة وسيد من سادات بني سَلِمة، وشريفاً من أشرافهم، وواحد من أجواد المدينة، كان آخر الأنصار اسلاماً، وكان مصاهرًا لعبدالله بن عمرو بن حرام؛ فقد كان زوجًا لأخته: هند بنت عمرو وقبل إسلام عمر بن الجموح كان معروفا عنه شغفه بالأصنام إذ كان يعبد صنماً يسمى "مناف" وكان يحتفظ به في بيته ويوقره ويعظمه
فكان ابنه معاذ بن عمرو بن الجموح بعد إسلامه ومعاذ بن جبل يدخلان ليلاً إلى الدار فيأخذان هذا الصنم ويلقيانه في مكان مخلفاتهم منكساً على رأسه كان عمرو بن الجموح كلما أصبح يذهب فيأتي بالصنم ويغسله ويعطره, وهو يتوعد من فعل به ذلك .. وكل ليلة يحدث هذا المشهد.
وذات يوم وضع عمرو سيفاً في رقبة صنمه الذي يعبده وقال له :لأني لا أعلم من يفعل بك هذا, فإن كنت تستطيع الدفاع عن نفسك فهذا السيف معك فافعل ولكن حدث بالليل ما لم يكن يتوقعه الصحابي الجليل قبل إسلامه حيث جاء الفتيان فأخذا السيف من عنقه ثم أحضرا كلباً ميتاً فقرنوه به بحبل وألقوه في بئر من الآبار فيها يقضي الناس حاجتهم حيث لم يكونوا قد اتخذ الناس مكانا لقضاء الحاجة في بيوتهم
وفي الصباح قام عمرو يبحث عنه قلما وجده كذلك علم أنه لا نفع فيه فأسلم وحسن إسلامه وشكر الله على نعمة الاسلام ..
في غزوة بدر أراد عمرو أن يشارك فيها فمنعه أولاده لأنه كان شيخاً كبيراً فحزن لذلك حزناً شديدا ولكن ابنه معاذ بن عمرو كان له موقف عظيم ونال شرفاً عظيماً في ذلك اليوم هذا لما ضرب معاذ أبا جهل يوم بدر وقطع قدمه, قام ابنه عكرمة فضرب معاذ على يده فقطعها غير أنها ظلت معلقة بجلدها فظل يقاتل ثم وضعها تحت قدميه وطرحها.
انباء انتصار بدر والشجاعة التي أبداها نجل عمرو بن الجموح معاذ دخلت علي قلبه بالبشري ولما علم عمرو بن الجموح ببطولة ابنه وشجاعته وبانتصار المؤمنين وقتلهم أبا جهل فرح فرحا عظيما.
شجاعة ابناء الجموح في غزو بدردفعته للإصرار علي المشاركة في غزوة احد رغم عرجه الشديد وسنه المتقدمة وقد كان له من الأولاد أربعة أبناء يغزون مع رسول الله وطلبوا منه عدم الخروج
حيث خاطبوه بالقول إن الله قد وضع عنك الجهاد ونحن نكفيك فذهب إلى رسول الله يرجوه ويلح عليه أن يأذن له بالخروج معهم لعله يلقى الله شهيدا
بل رد ابن الجموح رضي الله علي أولاده مستنكرا عليهم منعه لعرج رجله بل توجه عمرو بن الجموح الي الله بالقول :والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة وهكذا خرج عمرو للجهاد وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه في ذلك اليوم قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين
خطاب الرسول وجد آذانا صاغية لدي ابن الجموح حيث كان أول المستجبين لدعوة النبي حيث قام وهو يعرج فقاتل حتى قتل شهيداً هو وابن أخيه ومولى له ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال له :كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة.ولما وجد الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - رغبته في الخروج للجهاد شديدة، أذِن له فيه، فحمل السلاحَ، وخرج فرِحًا مسرورًا، ودعا ربه بصدق وضراعة قائلاً: "اللهم ارزقني الشهادة، ولا تردَّني إلى أهلي".
وقد استجاب المولى - عز وجل - دعوتَه؛ إذ إنه بعد أن طهَّر الأرض من كثيرٍ من المشركين، إذا بسيف من سيوف المشركين يُسكت الجسد الطاهرَ، ويقال له ولرفاقه: " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي "
وروى البخاري أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أشاد بكرم الصحابي الجليل عمرو بن الجموح وسخائه وجوده بل أن النبي صلي الله عليه وسلم اختاره سيّدًا على قومه، فقد روى البخاري في كتابه الأدب المفرد عن جابر أن النبي محمد سئل: «من سيدكم يا بني سلمة؟ قلنا: «جد بن قيس، على أنا نبخله»، فقال ﷺ: «وأي داء أدوى من البخل، بل سيدكم عمرو بن الجموح»
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاوفي سنة 49 هـ، أصاب سيل موضع قبر عمرو بن الجموح، فخرّبه. فحُفر لهما ليُغيّرا مكانهما، فوجدا جثتيهما لم تتغيرا، كأنما ماتا بالأمس. وكان أحدهما قد جرح، فدُفن ويده على موضع جرحه، فأميطت يده عن جرحه، فسال الدم، ثم أعيدت، فرجعت كما كانت..