كانت مكة قبل الإسلام، وحتى العام الثامن من الهجرة، تنشر الأصنام فيها حول الكعبة المشرفة، وكان عددها 360 صنمًا، فلما أن فتح الله على نبيه الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم أحب البلاد إليه، بعث بعدد من أصحابه لهدم هذه الأصنام، والتي كان أشهرها (العزة)، فكان هناك صحابي جليل يضربها بقضيب ويشير إليها فتتهاوى وهو يقول: «جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا».
إنه سيف الله المسلول، سيدنا خالد بن الوليد رضي الله عنه، الذي أرسله النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، على رأس سرية من ثلاثين فارسًا، في مهمة هدم العزى وقطع شجراتها الثلاث المقدسة ، كما أرسل عمرو بن العاص لهدم الصنم "سواع"، وبعث سعد بن زيد الأشهلي لهدم الصنم "مناة"، فأدَّى كل منهم مهمته بنجاح.
قصة هدم العزى
أما عن قصة هدم العزى، فيروى أن العزى كانت عبارة عن بيت بنخلة يعبدونه ويعظمونه كما يعظمون الكعبة، وحولها ثلاث شجرات مقدسة عندهم، وفيها شيطانة تسكنها، فكان المشركون يعبدون هذا البيت ويطوفون به، وتكلمهم هذه الشيطانة من داخله، فتزيدهم غيًا إلى غيهم، وضلالًا إلى ضلالهم، وقد ذهب سيدنا خالد بن الوليد بالفعل فهدم البيت وقطع الشجرات الثلاثة، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن النبي قال له: «ارجع فإنك لم تصنع شيئًا»، فتعجيب خالد من هذا ولكن امتثل لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعاد مرة أخرى.. وهناك وجد شيئًا عجيبًا .. وجد سدنة العزى وحجبتها على رأس الجبل، فلما أبصروه ظلوا يقولون: (يا عُزى يا عُزى)، ورأى خالد امرأة عريانة، ناشرة شعرها، وتحث التراب على رأسها، فعممها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: «تلك العزى».
اقرأ أيضا:
ودع أصحابه لكنهم لم يودعوه.. أصعب كلمة وداع في التاريخرواية أخرى
وفي رواية أخرى، أنه لما وصل خالد إلى الجبل، سار ينشد: «أيا عز شدى شدة لا شوى لها * على خالد ألقى القناع وشمرى.. أيا عز إن لم تقتلى المرء خالدا * فبوئى بإثم عاجل أو تنصَّري»، فلما انتهى إليها هدمها، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي: "ما رأيت؟".. فقال خالد: لم أر شيئا، فأمره رسول الله بالرجوع فلما رجع خرجت إليه من ذلك البيت امرأة سوداء ناشرة شعرها تولول، فعلاها بالسيف وجعل يقول: «يا عُزَّى كفرانك لا سبحانك * إنى رأيت الله قد أهانك»، ثم خرب ذلك البيت الذى كانت فيه، وأخذ ما كان فيه من الأموال رضى الله عنه وأرضاه، ثم رجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «تلك العزى ولا تعبد أبدًا».