أخبار

متى يكون التعرق علامة على الإصابة بالسرطان؟

لا تتخلص منه.. فوائد مذهلة لقشر البرتقال

علاج الأمراض بالأذكار.. فطرة سوية أم دروشة صوفية؟

إلى كل حزين: اغلق باب الحزن بمسامير الرضا والتسليم (الشعراوي)

كيف أبتعد عن فخ الإباحية والوقوع فى الكبائر؟.. د. عمرو خالد يجيب

سنة نبوية مهجورة .. من أحياها وقاه الله من آفات اللسان وشرور المجالس

دعاء يزيل الهم ويفرج الكرب

3 حقوق لله أمر بحفظها وحق سكت عليه فلا تبحث عنه

حقوق الزوجة إذا طُلِّقت من زوجها بناء على طلبها لأسباب معتبرة؟

من "المآذن العالية" إلى "بدر" (حكايات يرويها الأبطال في ذكرى انتصار العاشر من رمضان - السادس من أكتوبر)

ما حكم علاج المواطنين المحتاجين من غير المسلمين من أموال الزكاة؟ الإفتاء ترد

بقلم | علي الكومي | السبت 08 يناير 2022 - 05:55 م

السؤال :ما حكم علاج المواطن الفقير غير المسلم من أموال الزكاة؟

الجواب:

دار الإفتاء المصرية ردت علي هذا السؤال بالقول :يجوز شرعًا إعطاء الزكاة للمواطنين المحتاجين إلى العلاج من غير تفرقة في ذلك بين المسلم وغير المسلم؛ بموجب آية الزكاة التي لم تفرق بين مسلم وغير مسلم، وعملًا بمذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وهو مذهب جماعة من السلف الصالح وبعض فقهاء المذاهب المعتبرين.

الدار قالت في الفتوي المنشورة علي صفحتها علي بوابتها الاليكترونية :لقد حدد الإسلام مصارف الزكاة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، أي: أنها لِبِناء الإنسان قبل البُنيان، فكِفاية الفقراء والمحتاجين مِن الـمَلْبَسِ والـمَأكلِ والـمَسْكَنِ والمعيشةِ والتعليمِ والعلاجِ وسائرِ أمورِ حياتِهم هي التي يجب أن تكون مَحَطَّ الاهتمام في المقام الأول؛

علاج المواطنين من غير المسلمين من أموال الزكاة 


وتابعت وتحقيقًا لحكمة الزكاة الأساسية التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «تُؤخذ مِن أغنيائهم وتُرَدُّ على فقرائهم» رواه البخاري، وهذا يَدخل فيه علاجُ المرضى غيرِ القادرين والصرفُ منه على الخدمة الطبية التي يحتاجونها وتوفير الدواء لَهُم دخولًا أوَّليًّا.

واشارت الدار كذلك لاختلاف الفقهاء فهم مختلفون في جواز إعطاء غير المسلم من الزكاة: فجمهورهم على منع ذلك إلا في مصرف المؤلفة قلوبُهم؛ استدلالًا بالحديث السابق، بل ونقل فيها الإمامُ ابنُ المنذر الإجماع.

وخالف في ذلك جماعةٌ من الفقهاء، فأجازوا دفع الزكاة لغير المسلم إذا كان من مستحقيها؛ استدلالًا بعموم آية مصارف الزكاة التي لم تفرق بين المسلمين وغيرهم؛ حتى قال الإمام الرازي في "تفسيره" (16/ 89، ط. دار إحياء التراث العربي): [عموم قوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ يتناول الكافر والمسلم] اهـ،

ونقل عن أبي بكر الْعَبْسِيِّ قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يميز إبل الصدقة ذات يوم، فلما فرغ انصرف فمرّ برجل من أهل الكتاب مطروح على باب، فقال له عمر: "ما لك؟" فقال: استكدَوْني وأخذوا مني الجزية حتى كُفَّ بصري، فليس أحد يعود عليّ بشيء. فقال عمر: "ما أنصفنا إذن"، فأمر له بقوته وما يصلحه،


ثم قال: "هذا من الذين قال الله: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾، الفقراء: هم زَمْنَى أهل الكتاب"، ثم أمر له برزق يجري عليه. أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" مطوَّلًا، وأخرجه سعيد بن منصور في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف" مختصرًا.

جواز صرف الزكاةلأهل الكتاب

 ويدل ما روي عن  أن مذهب عمر رضي الله عنه قال بجوازُ صرفها في أهل الكتاب، وقد نقل عنه صاحب "المنار" -يعني: "المنار على البحر الزخار" في فقه الزيدية- نحوه، وحكاه في "البحر" -يعني: "البحر الزخار"- عن الزهري وابن سيرين، وحجتهم عموم لفظ الفقراء في الآية، وحديث: «الفقراءُ عَالَةُ الأغنياء»] اهـ.

وكذلك نقل أبي بكرة قال: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه، وقال: "من أي أهل الكتاب أنت؟" فقال: يهودي، قال: "فما ألجأك إلى ما أرى؟" قال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده، وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال: "انظر هذا وضرباءه؛ فوالله ما أنصفناه؛ أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾،

ويقصد بالفقراء والمساكين هنا بحسب جمهور الفقهاء والمفسرين والفقراء: هم المسلمون، وهذا من المساكين من أهل الكتاب"، ووضع عنه الجزية وعن ضربائه. قال أبو بكرة: أنا شهدت ذلك من عمر رضي الله عنه ورأيت ذلك الشيخ] ويتأكد الأمر إذا ما كانوا مرضى وغير قادرين على التداوي والعلاج، وذلك ما فعله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع المصابين بالجُذام من غير المسلمين؛ حيث أمر أن يعطوا من الصدقات وأن يجري عليهم القوت:


وعن عمر بن نافع قال: سمعت عكرمة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ قال: "لا تقولوا لفقراء المسلمين: مساكين؛ إنما المساكين: مساكين أهل الكتاب" أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير".

وعن جابر بن زيد: أنه سئل عن الصدقة فيمن توضع؟ فقال: "في أهل المسكنة من المسلمين وأهل ذمتهم"، وقال: "قد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم في أهل الذمة من الصدقة والخمس" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".

ولا يخفى أن التنوع البشري واختلاف الديانات هو من السنن التي أرادها الله في خلقه، وإعمار الكون وتحقيق مبدأ الاستخلاف في الأرض إنَّما يكون على وفق مراد الله؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ۞ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: 118-119]، وقال سبحانه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99].

وقد بيَّن الله سبحانه وتعالى أنَّ هذا الاختلاف يستوجب التعاون بين بني الإنسان، ويتطلب التنافس بينهم في حسن المعاملة وفعل الخير، وأن يُظهر أهل كل دين جمال ما عندهم من القِيَم والأخلاق؛ فقال تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: 148]، وقال سبحانه: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: 48].

.حقوق غير المسلمين  في الزكاة 

بل إن الشريعة الإسلامية جعلت لرعايا الدولة الإسلامية حقوقًا واجبةً في أموال الأغنياء إذا لم تَفِ الزكاةُ ولا بيتُ المال بذلك، فجعل لهم من الحق الواجب ما يقوم بحاجتهم ويسد خلتهم ويدفع فاقتهم؛ حيث نص الفقهاء على أن دفع الضرر عن غير المسلمين والمستأمنين وإزالة فاقتهم فرض كفاية على المسلمين، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك؛ فأوجبوها في أموال الأغنياء إذا لم تَفِ الزكاةُ ولا بيت المال ولا الأوقاف والصدقات الجارية ولا الكفارات والنذور بذلك؛ حيث إن الشريعة قد جعلت لرعايا الدولة الإسلامية الفقراء في مال الأغنياء حينئذٍ من الحق الواجب ما يقوم بحاجتهم ويسد خلتهم ويدفع فاقتهم.

واضافت فتوي الدار :وإذا كان سيدنا عمر رضي الله عنه أعطى غير المسلمين من الزكاة سدًّا لحاجتهم وجبرًا لخلتهم، فلأن يجوز ذلك للمواطنين من باب أولى وأحرى؛ فإن المواطنة تفرض على المسلم حقوقًا لمواطنيه منها: التناصر والتآزر، والتعاون، والمواساة، ورد التحية، والنصيحة وحسن الخلق والمعاملة بالمعروف، والدفاع عنه وعن حرماته وأمواله، ورعاية المرضى، وعيادتهم، وتشييع الجنائز والبر والرحمة والتخفيف عن أهل المتوفى في مصابهم، وذلك من حقوق الإنسان على أخيه الإنسان.

وقد أهدى رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي سفيان رضي الله عنه تمرَ عجوةٍ حين كان بمكة حربيًّا، واستهداه أَدَمًا، وبعث بخمسمائة دينار إلى أهل مكة حين قَحَطُوا؛ لتُفَرَّق بين المحتاجين منهم؛ ذكره الإمام السرخسي في "المبسوط" (10/ 92).

اقرأ أيضا:

حقوق الزوجة إذا طُلِّقت من زوجها بناء على طلبها لأسباب معتبرة؟

ووفقا لفتوي الدار فبالنسبة للزكاة: فقد جعل الشرع الشريف كفاية الفقراء والمساكين هو آكد ما تصرف فيه الزكاة، وأن الأصل فيها كفايتهم وإقامة حياتهم ومعاشهم؛ إسكانًا وإطعامًا وتعليمًا وعلاجًا وتزويجًا، وهذا يدل على أن الزكاة مشروعة لبناء الإنسان وكفاية حاجته، وما يتصل بأمور معيشته من ضروريات الحياة وحاجياتها؛ أي: أنها للإنسان قبل البنيان، وللساجد قبل المساجد.

ولا يخفى هنا  أن القضاء على الأمراض وعلاج الأوبئة الفتاكة من أهم مقومات حياة الإنسان ومعيشته، وفيه تحقيق لأعظم المقاصد الكلية العليا للشريعة الغراء وهو حفظ النفس؛ لذلك يُشرع لهم حقٌّ من أموال الزكاة والصدقات، ويتعيَّن ذلك على الأغنياء إذا لم يندفع بزكاةٍ وبيت مال:

وخلصت الدار في نهاية الفتوي للقول : يجوز شرعًا إعطاء الزكاة لغير المسلمين من المواطنين المحتاجين إلى العلاج؛ أخذًا بظاهر آية الزكاة التي لم تفرق بين مسلم وغير مسلم، وعملًا بمذهب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو مذهب جماعة من السلف الصالح وبعض فقهاء المذاهب المعتبرين.


الكلمات المفتاحية

الزكاة مصارف الزكاة مصارف الزكاة وغير المسلمين الزكاة وأهل الكتاب علاج غير المسلمين من الزكاة دار الافتاء المصرية

موضوعات ذات صلة

amrkhaled

amrkhaled أن مذهب عمر رضي الله عنه قال بجوازُ صرفها في أهل الكتاب، وقد نقل عنه صاحب "المنار" -يعني: "المنار على البحر الزخار" في فقه الزيدية- نحوه، وحكاه في "ا