كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحسن قول الخنساء في رثاء صخر أخيها:
لا بدّ من ميتة في صرفها غِيَر ... والدهر من شأنه حول وإضرار
وقيل للخنساء: «صفي لنا صخراً» ؟ فقالت: «كان مطر السنة الغبراء، وسم الكتيبة الحمراء» .
و قيل لها : فأخوك «معاوية» ؟ قالت: «حياء الجدب إذا نزل، وقِرَى الضيف إذا حلّ» .. قيل: «فأيهما كان عليك أحنى» ؟ قالت: أما صخر فسقام الجسد، وأما معاوية فجمرة الكبد.
الخنساء والفاروق:
قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه للخنساء: «ما أقرح مآقي عينيك» ؟
قالت: «بكائي على السادات من مضر» ، قال: «يا خسناء إنهم في النار» ، قالت: «ذلك أطول لعويلي وبكائي» .
وذكروا أنها أقبلت في حاجة، فمرت بالمدينة ومعها أناس من قومها، فأتوا عمر بن الخطاب، فقالوا: «هذه خنساء، فلو وعظتها فقد طال بكاؤها في الجاهلية والإسلام».
فقام عمر وأتاها وقال: «يا خنساء» ، قال: فرفعت رأسها، فقالت: «ما تشاء وما الذي تريد» ؟ فقال: «ما الذي أقرح مآقي عينيك» ؟ قالت: «البكاء على سادات مضر» .
قال: «إنهم هلكوا في الجاهلية، وهم أعضاد اللهب، وحشوجهنم» ، قالت: «فداك أبي وأمي، فذلك الذي زادني وجعاً».
قال:«فأنشديني ما قلت» ، قالت: «أما أني لا أنشدك ما قلت قبل اليوم، ولكني أنشدك ما قلته الساعة»، فأنشدته أبياتا من الشعر، فقال عمر: دعوها فإنها لا تزال حزينة أبدا.
ليليى الأخيلية وتوبة:
ذكروا أنها دخلت على عبد الملك بن مروان، فقال لها: «يا ليلى هل بقي في قلبك من حب توبة، فتى الفتيان، شيء» ؟ قالت: «وكيف أنساه» ؟
فلما مات توبة، مرّ زوج ليلى بليلى على قبره، فقال لها: «سلمي على توبة فإنه زعم في شعره أنه يسلم عليك تسليم البشاشة» ، فقالت: «ما تريد إلى من بليت عظامه».
فقال: «والله لتفعلن» ، فقالت وهي على البعير: «سلام عليك يا توبة، فتى الفتيان» .
وكانت قطاة – طير من الطيور- مستظلة في ثقب من ثقب القبر، فلما سمعت الصوت، طارت وصاحت، فنفر البعير ورمى بليلى فماتت، فدفنت إلى جنب قبر توبة.
اقرأ أيضا:
بركة الالتزام بالعبادة.. ماذا عن الغسل من الجنابة؟