يوضح د. عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية أنه بعد قيام دولة الإسلام؛ قويت العلاقات التجارية بين بلاد الهند والسند، وبين البلاد العربية، ففي عهد أبي بكر t ؛ أي في خلال سنتين ، استطاع العرب أن يدخلوا بلاد الشام والعراق .
العلاقة بين الهند والمسلمين في زمن الخلفاء:
ولفت " عويس" إلى أن أبا بكر قد أقر أبا العلاء بن الحضرمي على ولاية البحرين أحد مراكز التجارة العربية مع الهند والصين، وفي عهد عمر t دخلوا بلاد إيران حتى وصلوا خليج العرب ، وكانت هذه المنطقة في أيدي أقوام عظيمة، فقد كان الخليج العربي مركزاً تجارياً في أيدي الفرس، ومنه كانت السفن التجارية تتحرك نحو بلاد السند والهند ، والصين، حاملة أنواع البضائع من جهة إلى جهة أخرى ، وبالعكس .
وأضاف أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية في معرض حديثه عن إرهاصات فتح الهند أنه لما استولى العرب على هذه البلاد وفتحوها راجت تجارة العرب مع بلاد السند والهند حتى فتح العرب بلاد السند ، وبذلك زادت العلاقات التجارية تحسناً وتقدماً في هذا الجزء الشرقي مع الاتصال بالجزء الغربي من العالم .
العلاقات التجارية بين المسلمين والهنود:
ويشير إلى أن العلاقات التجارية بين المسلمين ، وبين بلاد السند والبنجاب ، والتي قد تسببت في بدء العلاقات السياسية ، وكانت من أهم الأسباب التي وجهت المسلمين من عرب عمان والمناطق الساحلية المجاورة إلى شن الغارات البحرية ، بغية تأسيس دعائم حكمهم على المدن الواقعة في سواحل السند ، وسواحل إقليم كجرات بالهند منذ سنة (15هـ) .
حملات ضد الهند:
ولفت أستاذ التاريخ والحضارة إلى أن عثمان بن أبي العاص الثقفي والي عمان والبحرين قد قام بإعداد ثلاث حملات بحرية ، وقد تولى بنفسه قيادة واحدة منها اتجهت إلى ناحية (تهانة) عاصمة إحدى محافظات ولاية مهاشترا الجديدة الآن . وتقع على بعد (23) ميلاً من مدينة (بومباي) الحالية ، بينما توجهت الثانية يقودها أخوه الحكم بن أبي العاص الثقفي نحو ميناء بهروج على الساحل الهندي شمال إقليم (مورت) ببلاد الهند الحالية ، أما الثالثة فقد تولى أمرها أخ ثالث اسمه المغيرة بن أبي العاص الثقفي ، ويممت شطر الديبل ؛ الذي يغلب على ظني أن موقعه كان قرب ميناء كراتشي الحالي في جمهورية باكستان ، وعلى كل حال فهذه الحملات لم تزد عن أن تكون مناوشات لم تصل على مستوى الفتح بمعناه المعروف، ولعل هذه هو سر عودة هذه القوات إلى قواعد انطلاقها في عمان بعد أن تمكنت من تحقيق مهمتها؛ وهي الاستطلاع والإعداد للفتح ، وتأديب قراصنة الهند والسند، وملك السند ؛ الذي زود ملك الفرس بالمال والسلاح في موقعة القادسية ... وفي سنة (23هـ) وصلت حملتان إسلاميتان إلى إقليم مكران وفتحته ، وتوغلت بقية القوات داخل السند ؛ ولكنها عادت أدراجها إلى مكران ... وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان عهد إلى حكيم بن جبلة العبدي إلى الذهاب إلى هذه البلاد (السند) ودرس أحوالها وجمع معلومات عنها ، ورجع إلى والي العراق... وعندما تولى عبد الله بن عامر بن كريز القشيري ولاية العراق سنة(29هـ) ؛ عين عبيد الله بن معمر التيمي حاكماً على مكران فأثخن حتى بلغ نهر السند ...
وأضاف " عويس" أن الاحتكاك العسكري والمناوشات بين المسلمين وأهل مكران أيام معاوية قد استمر الذي كانت بلاد الهند ترتعش في أيامه ، فقد أتى المهلب بن أبي صفرة إلى ذلك الإقليم سنة (44هـ) نائباً عن عبد الله بن عامر والي العراق فوصل إلى (بتنة) والأهوار (لاهور) ، وهما بين الملتان وكابل فلقيه العدو وقاتله هو ومن معه .
القراصنة يعتدون على قوافل المسلمين:
وفي عام (90هـ) وكما يذكر د. عب الحليم عويس استولى قراصنة السند بعلم من ملكهم (داهر) على ثماني عشر سفينة بكل ما فيها من الهدايا والبحارة والنساء المسلمات؛ اللائي عمل آباؤهم بالتجارة وماتوا في سرنديب وسيلان ، وكان ملك سرنديب يبغي التودد إلى أمير العراق (الحجاج) الذي علم بما جرى عن طريق تاجر تمكن من الهرب وأخبره ، وحاول الحجاج بن يوسف الثقفي استرداد النساء والبحارة بالطرق السلمية؛ ولكن داهر اعتذر بأنه لا سلطان له على القراصنة ... وأعد الحجاج جيشاً تلو الآخر ؛ الأول بحري إلى ميناء الديبل ، والثاني بري إلى ميناء إيران فمكران ولكنهما فشلا في تحقيق ما خرجوا إليه .
فاستشاط الحجاج غضباً وأقسم ليفتحن هذه البلاد ، وينشر الإسلام في ربوعها ، وقرر القيام بحملة منظمة ، ووافق الخليفة الوليد بن عبد الملك بعد تردد ، وبعد أن تعهد له الحجاج أن يرد إلى خزينة الدولة ضعف ما ينفقه على فتح بلاد السند.