مرحبًا بك يا عزيزتي..
إن ما نمر به في الطفولة ينحت بداخلنا وينحتنا، هذه حقيقة، لذا فأنت محقة فيما قلت، كل هذه الإساءات والصدمات لابد لها من أثر نفسي، لكنه ليس نهاية العالم.
كل الصدمات والأحداث الجسام التي تحدث آثارًا سلبية علينا يمكن علاجها، ولا تكون هناك خطورة إلا استهنا بها وتركناها بلا علاج وتعامل صحي .
إن الله يا عزيزتي لم يجعل الكدر والمتاعب من سمات الحياة عبثًا، فما خلق الألم إلا لنتعلم، هذه حكمة الألم التي نغفل عنها غالبًا ونغرق في آلامنا حد المعاناة بلا تعلم ولا تعامل صحيح.
وهذا هو واجبك تجاه نفسك الآن، فأنت لست مسئولة عما حدث لك في طفولتك، هذه كلها ماضي، أقدار، ليس لك يد فيها ولا حيلة تجاهها، لكنك مسئولة الآن عن التعافي من آثارها.
فطلبك الشعور بالقيمة، والوجود، بإرضاء الناس وخدمتهم على حساب نفسك خطأ جسيم، فوجودك مهم بلا أي شيء، وجودك بمجرد أن خلقك الله بلا حول ولاقوة، وسيستمر هكذا، وجود مهم في ذاته.
شعورك بالاستحقاق، والاحترام، والتقدير والحب لذاتك بشكل سوي مطلوب وضرورة لا رفاهية فيها، وهذا جزء من تعافيك.
امنحي الاحترام والحب والتقدير لذاتك قبل طلبه من الناس، فالناس يقدرون من يقدر ذاته وكذلك الاحترام والحب.
إذا، علاقتك بذاتك مهمة، قبولك لها مهم، لابد أن تكون علاقتك بها صحية، ومن هنا ، وبعد هذا تنطلقين إلى علاقات صحية أيضًا مع الناس.
بعد هذا النمو والنضج والكبران النفسي يا عزيزتي ستجدين أن لذة العطاء وحقيقته في العطاء نفسه، وبلا انتظار لشكر الناس وتقديرهم وإن كان حقك، لكنك لن تحزي ولن تغضبي لأنهم لم يفعلوا، بل سيستوي عندك الحالين، شكروا وقدروا، أم لم يشكروا ويقدروا، وستكونين في الحالتين سعيدة ومرتاحة ومكتفية.
إنهاء الحياة حيلة الضعفاء، من يهربون من مواجهة الحياة ، فيسيرون وراء خداع العقل والنفس بأن هذا هو الحل، وأنت لست من هؤلاء، فكل هذه الإبتلاءات كانت لتقويتك، وتمتين جهازك النفسي، ولكن هذا فقط يحتاج منك لطلب المساعدة المتخصصة وبأقصى سرعة ممكنة، فقد بدأت تهاجمك أعراض الاكتئاب، وأخشى أن يتفاقم الأمر لديك بسبب هذا.
هذه هي خطوتك المهمة تجاه نفسك الآن فلا تتردي في فعلها، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.