مرحبًا بك يا عزيزتي..
الاحتياج إلى الحب غير المشروط يا ابنتي حقك، وكذلك القبول، والاهتمام، والعطاء، والتشجيع، والانصات، هذه كلها احتياجات نفسية مهمة، والأسرة خاصة الوالدين مهمتهم الرئيسة هي إشباعها لدى صغارهم، وهي تؤثر على شعورهم من بعد بالسواء النفسي، والاستحقاق، والثقة في النفس، والشعور بالأمان، وبدون ذلك يفقد الطفل استقراره النفسي الذي يعيق حركته في الحياة بدرجة أو بأخرى وباختلافات من شخصية لأخرى.
ويخطيء الآباء والأمهات عندما يعتقدون أن الاحتياجات الأساسية المرتكزة على تلبية الطعام والشراب والمسكن والملبس تكفي وحدها لتنشئة طفل سوي ، ومستقر نفسيًا، بدون الالتفات لإشباع الاحتياجات النفسية الاسبق ذكرها.
لسنا هنا بصدد محاسبة والدك، ولا والدتك، ولا توقيع عقوبات على أحد منهم، لكنه توضيح لسبب معاناتك، وفقط.
ففي كثير من الأحيان لا يتعمد الوالدين عدم اشباع هذه الاحتياجات النفسية، بل يكون هذا هو منتهى وعيهم، وربما ما تمت تربيتهم وفقه واعتقدوه صحيحًا.
"متعبة نفسيًا"، تشير إلى تأزم وعدم استقرار نفسي، وإن كنت متفوقة دراسيًا، خلوقة، اجتماعية، إلخ، فالبعض لا يحدث له التعطل في حركة حياته إلا على مستوى المشاعر بعدم استقرارها، والبعض الآخر تتعطل كل حياته فيعاني من عدم استقرار للمشاعر وفشل دراسي أو وحدة وعزلة، إلخ، أي يشمل التعطل طريقة تفكيره وسلوكياته.
ويحدث هذا كله بسبب عدم اشباع الاحتياجات النفسية أو اشباعها بدرجة لم تكفي الشخص، وبالتالي يتأثر نضجه ونموه النفسي، وليس من حل عندها يا ابنتي سوى العودة إلى الذات، والقرب منها، والتعرف على هذه الاحتياجات غير المشبعة، والتشجع في طلبها من مصادرها الآمنة.
لذا ارفقي بطفلتك الداخلية يا ابنتي، واطلبي من والدك الحب غير المشروط والاهتمام، وتفهمي سمات شخصيته، ربما هو من النوع الذي لم يتدرب على التعبير عن مشاعره، أو تربي بهذه الطريقة الجافة ويكررها قهريًا، فالانسان يكرر ما يعرف.
وبناء على ما سبق، أنت مطالبة بتجديد نظرتك لوالدك، واطلبي منه احتياجك بدون لوم ولا عتاب ولا إشعار بتقصير، فاللغة مؤثرة، ولغة الجسد مؤثرة، فأحسني توصيل رسالتك بواسطتهما جيدًا.
فكري من جديد في المشكلة وفق هذه المعطيات يا ابنتي، وإن عجزت عن فعل هذا كله وحدك فلا تترددي في طلب المساعدة النفسية المتخصصة، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.