إياك من (ظلم لا يُغفر) و(وظلم لا يُترك)، لكن راجع نفسك جيدًا قبل فوات الأوان، في (ظلم لا يُطلب)، إذ قيل إن الظلم ثلاثة، فظلم لا يُغفر، وظلم لا يُترك، وظلم مغفور لا يُطلب، فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله، نعوذ بالله تعالى من الشرك.
قال تعالى: «إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلًۢا بَعِيدًا» (سورة النساء:48)، وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم العباد بعضهم بعضًا، وأما الظلم المغفور الذي لا يطلب، فظلم العبد نفسه.
ظلم لا يغفر
فأما الظلم الذي لا يغفر، فهو الكفر والشرك والنفاق، ولذلك قال تعالى: «يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ» (سورة لقمان:13)، وإياه قصد بقوله: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ۚ أُولَٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ ۚ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ» (سورة هود:18)، ونحمد الله عز وجل أن خلقنا مسلمين، موحدين به سبحانه، وبالتالي -بفضل من الله- قد نكون بعيدين عن الوقوع في هذا الشرك، إلا أنه الشيطان يحول بين المرء وقلبه، فلنحذر من السير خلفه، والوقوع في ذنوب قد تأخذنا شيئًا فشيئًا إلى الشرك وليعاذ بالله، فنخسر فضل الله علينا بأن خلقنا مسلمين، ونخسر آخرتنا أيضًا.
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟ظلم لا يترك
أما الظلم الذي لا يترك، فهو الذي بين الناس وبعضهم البعض، وهو المقصود به قوله تعالى: «وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ» (سورة الشورى:40) ، وبقوله أيضًا سبحانه: «إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ» (سورة الشورى 42) .
ظلم النفس
قد يستهين البعض بظلم الإنسان لنفسه، ويقول (نفسي وأنا حر فيها)، والحقيقة هذا ظلم بين، يرفضه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ» (سورة فاطر:32)، وقوله على لسان نبيه موسى عليه السلام: «رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (سورة القصص:16).
وبالتالي فإن كل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس، فإن الإنسان في أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه، لأن النتيجة ستؤول عليه في النهاية، ويتحمل هو الذنب، والمآل، والنتيجة السيئة، فعلينا أن نراجع أنفسنا جيدًا لأن الأمر جلل، ويستحق الوقوف مع النفس ولو قليلا.