من أول الدروس التي يجب تعلمها في الإسلام، لتكون مسلمًا حقًا، هو الإيمان بالغيب، فالجنة غيب، والنار غيب، والحساب غيب، والملائكة غيب، وحتى دعوات الأنبياء كلها تعد غيبًا لأننا لم نعيشها بعد، والقيامة أيضًا غيب.
وهناك في رسالة خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، (غيبيات) كثيرة، ومنها لاشك رحلة الإسراء والمعراج، التي أثبتها القرآن الكريم يقينًا، وحملت في طياتها فرض الصلاة لخمس مرات في اليوم والليلة، وبالتالي فإنه بالإيمان بالغيبيات يكتمل إيمان المرء، بل لا يمكن له أن يعد مسلمًا إن لم يوقن في هذه الغيبيات، وإلا كيف يحسب نفسه من المسلمين؟!، فأركان الإيمان الستة المنصوص عليها في السنة كلها غيب، ولذا استحق الموقن بها وصف الإيمان، وكان منتفعًا بالقرآن، كما قال الله سبحانه وتعالى: « ذَلِكَ الكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ » (البقرة: 2 - 3).
الاستكبار في الأرض
في المقابل، فإن من يرفض (الإيمان بالغيب) هم المستكبرون في الأرض، ذلك لأن هناك دلائل عديدة على قوة وحقيقة هذه الغيبيات، واليقين فيها وبها، حتى أنهم لو ظهر أمامهم هذا الغيب فشاهدوه بأعينهم، أو لمسوه فلن يؤمنوا أيضًا، لأن من أنكر الغيب مع وجود الأدلة القوية على وجوده، فذلك دليل على فساد قلبه، واختلال عقله، ولن تنفعه مشاهدة الغيب شيئًا لو شاهده.
وقد أخبر الله تعالى عن استكبار هذه الفئة من الناس، فقال سبحانه: « وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا المَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا » (الفرقان: 21)، كما أخبر سبحانه عنهم بأنهم لو رأوا الغيب أمام أعينهم لما آمنوا، قال تعالى: « وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ المَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ المَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ » (الأنعام: 111).
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟حتى الرسول
المسلم الموقن في الله، يعلم جيدًا أن رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم، وهو من هو، وهو خير الآنام والبشر، وخاتم النبيين، لم يكن أيضًا يعلم الغيب، وإنما يتنزل عليه الوحي ليبلغه.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: «من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: « قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ » (النمل: 65)، ولذلك فقد أمره ربه تبارك وتعالى فقال: « قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللهِ وَلَا أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ » (الأنعام: 50).