أخبار

ما الحكمة من موت الفجأة لبعض الناس دون أية مقدمات؟ (الشعراوي يجيب)

ليس كل الكذب مرفوضًا.. تعرف على الكذب المحمود

من هم أهل الحوض الذين سيشربون من يد النبي الشريفة يوم القياية؟ وماذا كانوا يفعلون؟

كيف تعرف خروج الكلام من القلب دون غيره؟

"لا يكلف نفسًا إلا وسعها".. تقصير الأبناء متى لا يكون عقوقًا للوالدين؟

أترضاه لأمك؟.. ماذا نفعل مع شواذ الأخلاق وخوارج الفطرة؟

تعرضت للتحرش 4 مرات في طفولتي ومراهقتي وأكره نفسي وأفكر في الانتحار وقتل رضيعتي.. أرشدوني

العفو من شيم الصالحين.. كيف أتخلق به؟

أتذكر المعصية بعدما تبت منها.. كيف أحفظ خواطري؟

تعرف على منزلة النية وأثرها في قبول الأعمال

كيف أنقذت موقعة الزلاقة الأندلس من السقوط؟

بقلم | محمد جمال حليم | السبت 05 مارس 2022 - 06:06 م

يبين الدكتور عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية كانت موقعة الزلاقة في الثاني عشر من رجب سنة (479هـ)، وكان السبب فيها؛ فساد الصلح المنعقد بين الطاغية إذفونش بن فرذلَنْد، وبين المعتمد بن عباد، فإن المعتمد تقاعس عن أداء الضريبة للطاغية في الوقت الذي صارت عادته يؤدّيها فيه، فاستشاط الطاغية غضباً، وتشطّط فطلب بعض الحصون زيادة على الضريبة، وأمعن في التجني، فسأل في دخول امرأته القـُمْطيجَة إلى جامع قرطبة لتلد فيه من حمل كان بها ؛ حيث أشار إليه بذلك القِسِّيسُون والأساقفة، وسأل أن تنزل امرأته المذكورة بمدينة الزهراء غربي مدينة قرطبة، تنزل بها فتختلف منها إلى الجامع المذكور؛ حتى تكون تلك الولادة بين طيب نسيم الزهراء، وفضيلة ذلك الموضع الموصوف من الجامع، وزعم أن الأطباء أشاروا عليه بالولادة في الزهراء، كما أشار عليه القِسِّيسون بالجامع، وسفر بذلك بينهما يهودي، وكان وزيراً لابن فرذِلنْد، فتكلَّم بين يديْ المعتمد ببعض ما جاء به من عند صاحبه، فأيْأسه ابنُ عباد من جميع ذلك، فأغلظ له اليهودي في القول، وشافهه بما لم يحتمله، فأخذ ابن عباد محبرة كانت بين يديه، فأنزلها على رأس اليهودي، فألقى دماغه في حلقة، وأمر به فصلب منكوساً بقرطبة.
وأضاف د. عويس استفتى ابن عباد الفقهاءَ لما سكت عنه الغضبُ عن حكم ما فعله باليهودي، فبادره الفقيهُ محمد بن الطلاغ بالرخصة في ذلك، لتعدِّي الرسول حدود الرسالة إلى ما يستوجب له القتل، إذ ليس له أن يفعل ما فعل.
وفشا في بلاد الأندلس خبر ما أظهر ابن عباد من العزيمة على إجازة المرابطين، والاستظهار بهم على ابن فرْذلند، فاستبشر الناس، وفُتِحت لهم أبواب الآمال، وانفرد ابن عبّاد بتدبير ما عزم عليه من مداخلة يوسف بن تاشفين، ورأت بعض ملوك الطوائف الخونة المنحطين بالأندلس ما عزم عليه ابن عباد فمنهم من كتب إليه، ومنهم من شافَهَه : وكلهم يُحذره سوء عاقبة ذلك، وقالوا له : الملكُ عقيمٌ، والسيفان لا يجتمعان في غمدٍ واحدٍ ! فأجابهم ابن عباد بكلمته السائرة مثلاً : رَعي الجمال خيرٌ من رعي الخنازير ! أي أن كونه مأكولاً لابن تاشفين أسيراً يرعى جماله في الصحراء خيرٌ من كونه ممزقاً لابن فرذلند، أسيراً يرعى خنازيره في قشتالة ؛ وكان مشهوراً برزانة الاعتقاد .
وقال لعذاله ولوَّامه : "يا قوم أنا من أمري على حالتين ؛ حالة يقين، وحالة شكّ، ولابدَّ لي من إحداهما ؛ أما حالة الشك فإني إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى ابن فرذلند ففي الممكن أن يفيا لي ويُبقيا عليَّ، ويمكن ألا يفعلا ؛ فهذه حالة الشكَّ، وأما حالة اليقين، فهي أنَّي إن استندت إلى ابن تاشفين فأنا أرضي الله، وإن استندت إلى ابن فرذلند أسخطت الله، فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأي شيء أدع ما يرضي الله، وآتي ما يسخطه!" . وحينئذ سكت أصحابه عن لومه.
وأوضح د. عويس أنه بناء على دعوة المعتمد وبعض ملوك الطوائف ؛ عبر يوسفُ البحر عبوراً هنيئاً، حتى أتى الجزيرة الخضراء، ففتحوا له، وخرج إليه أهلها بما عندهم من الأقوات والضيافات، وجعلوا سماطاً أقاموا فيه سوقاً، جلبوا عليه من عندهم من سائر المرافق، وأذنوا للغزاة في دخول البلد، والتصرف فيها، فامتلأت المساجد والرحبات بضعفاء المُطوَّعين وتواصوا بهم خيراَ.
وخرج المعتمد على لقاء يوسف من إشبيلة في مائة فارس ووجوه أصحابه، فأتى محلة يوسف فركض نحو القوم وركضوا نحوه فبرز إليه يوسف وحده، والتقيا منفردين، وتصافحا وتعانقا، وأظهر كل واحد منهما المودة والخلوص، فشكرا نعم الله، وتواصيا بالصبر والرحمة، وبشرا نفسيهما بما استقبلاه من غزو أهل الكفر، وتـَضَرَّعا إلى الله تعالى في أن يجعل ذلك خالصاً لوجه.
ووافت الجيوشُ كلها بطليوس، فأناخوا بظاهرها، وخرج إليهم صاحبها المتوكل عمر بن محمد فلقيهم بما يجبُ من الأقوات والضيافات، وبذل مجهوده، ثم جاءهم الخبر بشخوص ابن فرذلند إليهم، ولما ازدلف بعضهم إلى بعض أذكى المعتمد عيونه في محلات الصحراويين؛ خوفاً عليهم من مكايد ابن فرذلند، إذ هُم غرباء لا علم لهم بالبلاد، وجعل يتولى ذلك بنفسه.
ثم كتب يوسف إلى ابن فرذلند يدعوه إلى الإسلام، أو الجزية، أو يأذن بحربه فامتلأ غيظاً وعتا وطغا، وراجعه بما يدل على شقائه، ثم أصبح يوم الخميس فأخذ ابن فرذلند في إعمال الحيلة، فبعث لابن عبّاد يقول : غداً يوم الجمعة وهو عيدكم، وبعده الأحد وهو عيدنا فليكن لقاؤنا بينهما، وهو يوم السبت ! فعرَّف المعتمد بذلك يوسفَ، فقال : نعم ! فقال له المعتمد : هذه خديعة ابن فرذلند ! إنما يريد غدرَ المسلمين ! فلا تطمئن إليه، ثم جاء في الليل فارسان من طلائع المعتمد، يخبران أنهما أشرفا على محلة ابن فرذلند وسمعا ضوضاء الجيوش، واضطراب الأسلحة، ثم تلاحق بقية الطلائع محققين بتحرك ابن فرذلند .
ثم مال ابن فرذلند على المعتمد بجموعه، وأحاطوا به من كل جهة، واستحر القتل فيهم، وصبر ابن عبّاد صبراً لم يعهد مثله لأحد، واستبطأ يوسف وهو يلاحظ طريقه، وعضَّته الحرب، واشتد البلاء، وأبطأ عليه الصحراويون .
ثم كان أول من وافى ابن عبّاد من قواد ابن تاشفين ؛ داود بن عائشة، وكان بطلاً شهماً، فنفس بمجيئه عن ابن عباد ؛ ثمَّ أقبل يوسف بعد ذلك، وطبولـه تصدع الجو، فلما أبصره ابن فرذلند وجه أشكولته إليه، وقصده بمعظم جنوده، وقد كان علم حساب ذلك من أول النهار، وأعد له هذه الأشكولة، وهي معظم جنوده، فبادر إليه يوسف بجمعه فردهم إلى مركزهم، وانتظم به شمل ابن عباد، ووجد ريح الظفر، وتباشر بالنصر، ثم صدقوا جميعاً الحملة، فتزلزلت الأرض بحوافر خيلهم، وأظلم النهار بالعجاج والغبار، وخاضت الخيل في الدماء.
وتراجع المنهزمون من أصحاب ابن عبّاد حين علموا بالتحام الفئتين، فصدقوا الحملة، فانكشف الطاغية المسيحي، ومرَّ هارباً منهزماً، وقد طعن في إحدى ركبتيه طعنة بقي أثرها بقية عمره، فكان يخمع منها، فلجأ إلى تلّ كان يلي محلته في نحو الخمسمائة فارس كلهم مكلوم، وأبادَ القتلُ والأسرُ من عداهم من أصحابهم .
وقد أنقذت موقعة (الزلاقة) الأندلس من السقوط لعدة قرون في رأي كثير من المؤرخين.

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled يبين الدكتور عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية كانت موقعة الزلاقة في الثاني عشر من رجب سنة (479هـ)، وكان السبب فيها؛ فساد الصلح المنعقد