يقول المولى في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180)، ومن أبرز أسماء الله الحسنى التي لا يمكن ولا يجب أن يتصف بها غيره، هو (المتكبر)، فهو اسم يتفرد الله عز وجل به عن الوجود.
الله هو المتكبر سبحانه، فمهما أدركت من أوصافه فالله تعالى أكبر وأعلى، ففي كل صلاة نكرر (الله أكبر) وكأننا نقول يا الله عجزنا عن إدراك وإحصاء صفاتك فأنت أكبر وكبير، ومحيط لا يُحاط به، وبالتالي لا ريب أن من أسماء الله الحسنى المتكبر كما قال الله تعالى في سورة الحشر: «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ » (الحشر:23).
العظمة والملك
فالله هو فقط (العظيم ذو الكبرياء)، وهو أيضًا (المتعالي عن صفات الخلق)، و(المتكبر على عتاة خلقه)، ومن ثمّ فإن الكبرياء هنا العظمة والملك، أو هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود، ولا يوصف بها إلا الله تعالى، والمقصود أن الكبرياء في صفات الله مدح لما تقدم من معانيها، وفي صفات المخلوقين ذم.
وفي السنة روى أحمد بسند صحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: «قَرَأَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- هَذِهِ الآيَةَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر:67], قَالَ: "يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَل-: أَنَا الجَبَّارُ، أَنَا المُتَكَبِّرُ، أَنَا المَلِكُ، أَنَا المُتَعَالِ، يُمَجِّدُ نَفْسَهُ" قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ يُرَدِّدُهَا حَتَّى رَجَفَ بِهِ المِنْبَرُ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيَخِرُّ بِهِ».
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟وصف الكبرياء
أما وصف الكبرياء، فقد ثبت في القرآن، قال تعالى: «فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (الجاثية: 36-37)، وفي السنة قال صلى الله عليه وسلم: «يقول الله -عز وجل-: "العز إزاري، والكبرياء ردائي فمن نازعني عذبته».
وفي حديث عبد الله بن قيس رضي الله عنه مرفوعاً: «جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن»، إذن عباد الله: الكبرياء هو العظمة والمتكبر، وهو المتعاظم المتعالي عن خلقه، يقول قتادة: «تكبر عن كل شر» وقيل أيضًا، إن (المتكبر) هو الذي تكبر عن ظلم عباده.