قد لا يتخيل أحدهم أنه سيأتي عليه يوم يقطع فيه بيده وأظفاره، وجهه وصدره، بل يزيد في الأمر أنه حينها ستكون أظفاره من نحاس، أي أن مستوى القطع سيكون أعظم وأكبر، ومستوى العذاب الذي سيشعر به سيكون أقوى، ذلك أنه عاش حياته يتحدث في أسرار الناس وأخبارهم، إذ يحرم الإسلام تمامًا (البهت والغيبة والنميمة وكلام ذي الوجهين).
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت يا جبريل من هؤلاء قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم»، وعن سعيد بن زيد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال «إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق».
أكبر الكبائر
فالخوض في أعراض الناس من أكبر الكبائر، روى أبو داود عن جعفر بن مسافر عن عمرو بن أبي سلمة عن زهير هو ابن محمد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: « إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق ، ومن الكبائر السبتان بالسبة»، ذلك أن الخوض في الأعراض يسيء العلاقات بين الناس بشكل ليس له مثيل.
روى أبو داود والترمذي وصححه قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن صفية رضي الله عنها، أنها قصيرة، وأن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال لها: « لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته »، بل أن من يخوض في الأعراض لهو أشر الناس، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن شر الناس عند الله يوم القيامة ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه».
اقرأ أيضا:
أخطرها فتنة النساء والمال.. كيف تتعامل مع الفتن وتنقذ نفسك منها؟حرمة الأعراض
إن للأعراض حرمتها، فلا يجوز أبدًا الخوض فيها تحت أي مبرر، فقد صح عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يا مَعْشَرَ مَن أسلم بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه لا تُؤْذُوا المسلمينَ، ولا تُعَيِّرُوهم، ولا تَتَّبِعُوا عَوْراتِهِم، فإنه مَن تَتَبعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ، يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَه ومَن يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَه يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه».
فالواجب على من يخاف مقام ربه ويخشى المثول بين يديه، البُعد عن الخوض مع الخائضين بقيل وقال، ذلك أن حرمة الأعراض عظيمة في الإسلام كحرمة الدماء والأموال، لذا فمن أعظم الظلم التجني والكذب والافتراء على أحد من المسلمين، قال ربنا: « وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ».