بعد 10 سنوات من بعثة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وبعد زواج دام نحو 25 عامًا، تخللها الكثير من المواقف الصعبة، التي كشفت عن سيدة عظيمة تساند زوجها في شتى المواقف، توفيت السيدة خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين وزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهي المرأة التي لطالما أعانته على مصاعب الحياة ومواجهة كل خوف أو قلق، حتى أنها كانت الداعم الأقوى له بعد أن نزل عليه الوحي الأمين جبريل عليه السلام، إذ قالت له: «فوالله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق»، فكان الفراق صعبًا جدًا على قلب نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، الذي ودعها بالبكاء وكفنها بردائه.
وصية السيدة خديجة
وهناك قصة أجمع العلماء على كذبها حول وفاة السيدة خديجة رضي الله عنها، إذ تقول إنه لما اشتد عليها المرض قالت: «يا رسول الله اسمع وصاياي:
أولاً: إني قاصرة في حقك فاعفني يا رسول الله، فقال (صلى الله عليه وسلم): حاشا وكلا، ما رأيت منكِ تقصيرًا، فقد بلغتِ بجهدك، وتعبت في داري غاية التعب، ولقد بذلت أموالكِ وصرفت في سبيل الله مالَكِ.
ثانيًا: أوصيك بهذه ـ وأشارت إلى فاطمة ـ فإنها يتيمة غريبة من بعدي، فلا يؤذينها أحد من نساء قريش، ولا يلطمن خدها، ولا يصيحن في وجهها، ولا يرينها مكروهًا.
ثالثاً: إني خائفة من القبر، أُريد منك رداءك الذي تلبسه حين نزول الوحي تكفّنني فيه».
وهنا لم يتأخر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وقام فأتي بالرداء ووضعه عليها، فسرّت به سروراً عظيمًا، فلما توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، في تجهيزها وغسلها ، فلما أراد أن يكفنها هبط الأمين جبريل عليه السلام، وقال: يا رسول الله، إن الله يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمد إن كفن خديجة من عندنا، فإنها بذلت مالها في سبيلنا، فجاء جبريل بكفن، وقال: يا رسول الله، هذا كفن خديجة، وهو من أكفان الجنة أهداه الله إليها، فكفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بردائه الشريف أولاً، وبما جاء به الأمين جبريل ثانيًا، فكان لها كفنان، كفن من الله، وكفن من رسوله صلى الله عليه وسلم.
لا أصل لها
إلا أن العلماء كذبوا هذه الوصية، ونفوها جملة وتفصيلاً، لكنهم أنهم أكدوا مرارًا وتكرارًا على أن منزلة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنه عند النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم عظيمة جليلة، ولا نحتاج لإثباتها مثل هذه الأحاديث المجهولة.
بينما الثابت أن خديجة رضي الله عنها، توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين، ودُفنت بالحجون، وقد بشرها زوجها النبي محمد صلى الله عليه وسلم ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب؛ يعني قصب اللؤلؤ، لأنها حازت قصب السبق إلى الإيمان، لا صخب فيه ولا نصب، لأنها لم ترفع صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تتعبه يومًا من الدهر، فلم تصخب عليه يومًا، ولا آذته أبدًا.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورها