الدعاء من أعظم العبادات وأجلِّها؛ إلا أنه يكثر في شهر رمضان بشكل لافت، خاصة وأن رمضان هو شهر الطاعات والاستزادة من الخيرات، لذلك تلهج المساجد بالدعاء في رمضان، نظرا لكون هذا الشهر هو شهر الصيام، فعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الدعاء هو العبادة))، ثم قرأ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].
وقد دل النبي صلى الله عليه وسلم على أهمية الدعاء في شهر رمضان، لغفران الذنوب، والإكثار من الحسنات، فضلا عن أن الدعاء في رمضان له خصوصية مختلفة، نظرا لكون أن هذا الشهر الفضيل الفضيل هو شهر القرآن، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهذه الليلة المباركة يستجيب فيها الله الدعاء.
لذلك الدعاء في هذه الليلة المباركة من هذا الشهر الكريمن هو من المحبوبات لله عز وجل، فهذا نبيُّه صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس شيء أكرم على الله - عز وجل - من الدعاء)).
والدعاء وإن كان سنة مشروعة مندوبا إليها في كل وقت وحين، إلا أنه في أوقات مخصوصة وأماكن معلومة يكون آكد سنيَّة، وأشد طلباً، وأرجى قبولا.. ومن الأوقات التي يُلتمس فيها الدعاء ويُطلب أيام رمضان ولياليه؛ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن دعاء الصائم مقبول وأن دعوته لا ترد.
فقد روى ابن ماجه في سننه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد].
وفي الدعاء إظهار لذلِّ العبوديَّة لله -تعالى- والافتقار إليه، ونفْي الكبرياء عن عبادته.
اظهار أخبار متعلقة
خصوصية الدعاء في رمضان
للدعاء في رمضان خصوصية عظيمة؛ نظرا لكونه يحتوي على فضلين هما: فضْل الزمان، وحال الصيام.
ولقد نبَّه القرآن الكريم إلى خاصيَّة الدعاء في الصيام؛ حيث إن الله -تعالى- ذكَر استجابته لدعاء الداعين في أثناء آيات الصيام، فبدأ بفرضية الصيام وبعض ما يتعلَّق به، ثم قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، ثم عاد لذِكر بعض ما يتعلق بالصيام؛ قال العلماء - رحمهم الله تعالى -: وفي ذِكره -تعالى- هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العِدة، بل وعند كل فطرٍ، بل في حال الصيام كله.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ثلاثة لا تُردُّ دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يُفطِر، ودعوة المظلوم)).
فعلى الصائم أن يَحرِص على الدعاء أثناء صيامه، ويُكثِر منه؛ فإنه مجابٌ - بإذن الله تعالى.
وفي كتاب الله تعالى ما يدل على الترغيب في الدعاء للصائمين، فقد ذكر الله في وسط أيات الصيام قوله سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[البقرة:186].
وهذه الآية في وسط آيات الصيام إشارة إلى أن الدعاء في هذا الشهر من أجل العبادات، وأن الصائمين المتضرعين أرجى للقبول والحظوة عند الرب الغفور.
وآداب الدعاء:
إخلاص الدعاء لله وحده لا شريك له.
وجوب إطابة المطعَم، وذلك بكسب الحلال، وتجنُّب الكسب الحرام.
استِحضار القلب حين الدعاء، وعدم الغَفلة فيه.
اليقين بالإجابة أو رجائها حين الدعاء.
الطهارة أثناء الدعاء.
استقبال القِبلة أثناء الدعاء.
الاستمرار على الدعاء وملازمته، وعدم الانقطاع عنه سآمةً من الدعاء ويأسًا من الإجابة.
استِحباب اغتنام أوقات الإجابة وتحرِّيها، ومنها: الثلث الأخير من الليل، وعند الأذان والإقامة، وأدبار الصلوات المكتوبة عقِب الأذكار المشروعة، وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المِنبر حتى تَنقضي الصلاة، وآخر ساعة بعد العصر من يوم الجمعة، وليالي العشر الأخيرة من رمضان التي يُتحرَّى فيها ليلة القدر.
رفع اليدَين مكشوفتين، وبسطهما حيال الصدر أو الوجه، وجعل بطونهما إلى السماء، مع ضمِّهما معًا، أو التفريج اليسير بينهما.
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاءتَكرار الدعاء والإلحاح فيه
تجنُّب موانع استجابة الدعاء؛ ومنها: التوسُّع في الحرام أكلاً وشربًا ولبسًا والاستِعجال وترك الدعاء.
عدم الدعاء بالإثم؛ مثل: الدعاء بضلال فلان من الناس، أو الدعاء على شخص لم يَظلمك، أو دعاء الإنسان على نفسه أو ماله بالذهاب أو الخسارة.
عدم الدعاء بما فيه قطيعة رحم؛ مثل: الدعاء على الوالدَين فهو من العقوق وقطيعة الرحم، وخلاف ما أمر الله به من الدعاء لهما، أو الدعاء على الأولاد، أو الدعاء على الأقارِب من غير سبب.