مرحبًا بك يا عزيزتي..
قلبي معك.
أقدر مشاعرك وأتفهم ألمك تمامًا، فما تحدثت عنه هو علاقة والدية مسيئة بامتياز، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مثل هذه العلاقات يا عزيزتي تشوه نظرتنا لأنفسنا، والحياة، لذا لابد أن تقتربي من نفسك، وعلاقتك بها.
لابد أن تحبي نفسك وتقبلينها يا عزيزتي، وتشعرين بالاستحقاق، والاحترام، والتقدير لها، هذه احتياجات نفسية لابد أن تمنحيها بنفسك لنفسك بعد أن أهدرها والديك بكل أسف ولم يشبعوها لديك وهو واجبهم.
ما تفعله والدتك هو منتهى وعيها يا عزيزتي، وربما هي نفسها كانت تعاملها جدتك هكذا، فدائرة الجهل النفسي والتربوي في مجتمعاتنا، هي دائرة مفرغة تدور فيها الأجيال تلو الأجيال بكل أسف .
ولأننا لسنا بصدد محاسبة والدتك، ولا معاقبتها، فإن واجبك نحو نفسك هو التعافي من آثار هذا العنف، والاساءات النفسية والجسدية، فأنت تعالجين ظهرك كما ذكرت، ونفسك أيضًا تحتاج إلى علاج وتعافي، يتم بالقرب منها، ومنحها الاحتياجات النفسية كما ذكرت لك، والتلامس مع مشاعرك، والوعي بها، وتحديدها، وتمييزها، وقبولها، والوعي بذاتك.
لم تذكري تفاصيل عن علاقتك باخوتك الذكور، وطبيعة علاقتهم بوالدتك أيضًا، وهنا، سأنصحك إن كانت العلاقة مع أحدهم أو كلاهم جيدة، أن تعقدي معهم صداقة وعلاقة يكونوا فيها مجموعة دعمك وسندك داخل البيت وخارجه، فوجود شخص واحد على الأقل داخل البيت يفهمك، ويدعمك، هو أمر مهم للغاية، إذ يمكنك أن تتأنسي معه، وتفضفضي، وتحكي، وتتشاركي في مهام، وخواطر، وتأتنسي، وتنسجي ذكريات جيدة تزاحم الأخرى السيئة.
أما والدتك فتحتاجين للتعامل معها بحكمة، وذكاء، ومداراة، تقللين من خلالها الاحتكاك المباشر معها، أو استفزازها، حتى لا تفتحي الأبواب لغضبها المشتعل أن يخرج، وفي الوقت نفسه ستحتاجين لبذل جهد لتحييدها، بالحديث معها عن مشاعرك تجاهها وأنك تحبينها، وتريدين أن تكونوا أصدقاء وأنك كبرت ولم تعودي تلك الطفلة الصغيرة، وهكذا، اجعلي لك معها أحاديث ودودة، مهما يكن رد فعلها، فبتكرار الأمر، ستتقبل، وتستجيب، ربما ليس بالطريقة والقدر الذي تريدينه، ولكن المهم أن يحدث تغيير في العلاقة لصالحك.
أتفهم يا عزيزتي، وأعرف جيدًا أن الأمر ليس سهلًا أبدًا، لكنه مهم، وممكن، وليس مستحيلًا أيضًا.
تكيفي مع الممكن الذي لا يضرك، وابدأي في رفض ما يؤذيك بحسم، وأدب، وتوقعي مقاومة ورفض من والدتك لتغييرك هذا في التعامل مع الأذى، ولكن اصرارك وحسمك سيجعلها تعيد التفكير فيما تفعله، ورويدًا رويدًا ستغير طريقة تعاملها معك بكل تأكيد.
وأخيرًا، تذكري ياعزيزتي أن الله لم يطلب منّا مشاعر معينة تجاه والدينا، فهو لم يأمرنا بحبهم، ولكنه سبحانه أمر بـ"سلوك" وهو "البر"، وهو سلوك لا يحتاج بالضرورة لمشاعر الحب، فبري والدتك، مهما تكن مشاعرك تجاهها.
وهكذا، بر، وتكيف، وعدم سماح بأذى، وعلاقة جيدة مع نفسك، وأخوك أو أخوتك، هذه هي الخلطة المطلوبة حتى يمكنك العيش والنجاة حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، وتحدث المعجزة، وتهدأ والدتك وتتغير نحو الأفضل، من يدري؟!
وحتى لو لم يحدث هذا، فقد تغيرت أنت يا عزيزتي، ومشيت في سكة وعي، ونمو نفسي، ونضج يحميك من آثار أي اساءات نفسية.
اعملي يا عزيزتي وفق هذه الخطة، والله معك، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
الزواج ليس نهاية الحكاية .. 7 أشياء يبحث عنها الرجل في المرأةاقرأ أيضا:
قواعد الحزن السبعة.. هكذا تواجهها