في محاولة جديدة للتخفيف من سوء استخدام الأدوية والمواد المسكنة، طور العلماء "مبردات عصبية" صغيرة في الفئران يتم استخدامها كمسكن للآلام عوضًا عن المسكنات التقليدية، يتوقع أن يتم تطبيقها على البشر في غضون سنوات.

وتوصلت الدراسة، التي نُشرت نتائئجها في مجلة "ساينس" إلى أن المبردات المصغرة والقابلة للذوبان - المصممة للقضاء على إشارات الألم في الأعصاب الطرفية دون آثار جانبية مرتبطة بالمواد الأفيونية والمسكنات الأخرى - أنتجت تبريدًا موضعيًا للغاية عند اختبارها على الفئران التي تعاني من آلام الأعصاب.

وقال جون أ. روجرز، أستاذ الهندسة الطبية الحيوية في جامعة نورث وسترن، وأحد مؤلفي الدراسة لوكالة (يو بي آي): "تعتمد جميع استراتيجيات إدارة الألم الحالية على الأدوية"، لكن هذا يوفر "بديلًا هندسيًا".

مواصفات الجهاز 

ويوصف الجهاز بأنه نظام تبريد عصبي ناعم، مصغر، قابل للزرع يعتمد على "أحدث التقنيات الإلكترونية المرنة والميكروفلويديك".

ويعمل على "الاقتراض من الأصفاد الكهربائية للأعصاب"، من خلال "انتقال الطور من السائل إلى الغاز داخل قنوات ميكروفلويديك في شريط مرن يلتف حول الأعصاب الطرفية لتوفير التبريد المستهدف".

ويحتوي الجهاز على مستشعر حراري رقيق مدمج يوفر مراقبة وتحكمًا في درجة الحرارة في الوقت الفعلي. وهو مصنوع من مواد قابلة للذوبان في الماء "متوافقة حيويًا" يمكن أن يمتصها الجسم بمرور الوقت، وبالتالي تقليل مخاطر الجراحة.

وفقًا لروجرز، فإن الجهاز "قابل للامتصاص بيولوجيًا تمامًا، وعمره التشغيلي بضعة أسابيع ويتم تفكيكه بعد بضعة أشهر". ويبلغ حجمه "تقريبًا مثل شريط مطاطي عريض".

كيف يتم وضعه؟

قال روجرز: "إن التوزيع التشريحي المعروف لحزم الأعصاب والألياف يحدد موقع التبريد اللازم لمعالجة الألم الذي ينشأ من منطقة أو مكان معين من الجسم".

وأوضح أن معدلات تدفق المبرد تحدد قوة التبريد، لافتًا إلى أن معدلات التدفق "يمكن تعديلها لأعلى أو لأسفل حسب الضرورة ، ويمكن إيقاف التدفق عندما لا يكون تخفيف الآلام ضروريًا".

اقرأ أيضا:

بعد اكتشاف حالات إصابة.. هل يمكن لأنفلونزا الطيور أن تنتقل عبر حليب الأبقار؟

جهاز إلكتروني بيولوجي

وبشكل منفصل، كشف فريق من الباحثين بقيادة جامعة رايس في مارس الماضي عن عملهم على تطوير جهاز "إلكتروني بيولوجي" قابل للزرع لتحفيز الأعصاب الطرفية للاضطرابات المقاومة للعلاجات التقليدية بالعقاقير.

وقال روجرز عن الدراسة المشار إليها، إن مثل هذا "التحفيز العصبي عالي التردد يمكن أن يكون بمثابة كتلة ولدينا بعض أبحاثنا الخاصة في هذا الاتجاه"، معتبرًا أن "المشكلة هي أن التحفيز نفسه يمكن أن يسبب في كثير من الأحيان استجابة للألم".

وأضاف أن جهاز "مبرد الأعصاب" الصغير المدمج الذي طوره الباحثون يعتبر مفيدًا للغاية في سياق إدارة الألم بعد الجراحة، إذ "يتم إدخاله كخطوة أخيرة من الجراحة التي كانت ضرورية بالفعل لعلاج حالة المريض".

وقال الباحثون إن الجهاز يمكن استخدامه بعد عمليات البتر أو ترقيع الأعصاب أو عمليات تخفيف الضغط في العمود الفقري، على سبيل المثال.

وعلى غرار وضع الثلج على مفصل أو عضلة مؤلمة، يمكن أن تعيق عملية التبريد مباشرة على الأعصاب، توصيل إشارات الألم بسرعة وبدقة وتعطي راحة مؤقتة، وفقًا للباحثين.

ومع ذلك، أشار الباحثون إلى إن أجهزة تبريد الأعصاب التقليدية "ضخمة وصلبة مع تبريد غير محدد ومتطلبات عالية الطاقة" - وهي صفات تمنع استخدامها السريري العملي.

قال روجرز: "نحن سعداء بالجوانب الهندسية لهذه الأجهزة"، مشيرًا إلى أن تركيز الباحثين الفوري "ينصب على دراسات دقيقة ومنهجية لعتبات درجة الحرارة وفترات الاسترداد".

وأوضح أن "الجدول الزمني سيتضمن الانتقال إلى نماذج حيوانية أكبر، ثم القرود، ثم الدراسات البشرية". لافتًا إلى أن أي جهاز جديد قابل للزرع يجب أن يمر عبر عملية تنظيمية صارمة في إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لتقييم الفعالية والسلامة.

وتابع روجرز: "لا توجد مسندات لجهاز من هذا النوع. ونتيجة لذلك، أقدر سبع سنوات قبل استخدامه في البشر، إذا سارت الأمور على ما يرام".