يسأل أحدهم (الحمامتان اللتين كانتا على باب الغار.. كيف لم يطيرا عند حضور المشركين؟)، والحقيقة أن هذا مما لا يستدل به في السيرة النبوية المطهرة، إذ أنه لا يوجد بالأساس أي ذكر لوجود حمامتين على باب الغار، أثناء هجرة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بصحبة صاحبه الصديق أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
بينما في المقابل فإن قصة نسج العنكبوت على الغار في حادثة الهجرة الشريفة قصة ثابتة صحيحة.
فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوك» وذكر حديثًا طويلًا في الهجرة ".. فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ خُلِطَ عَلَيْهِمْ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَمَرُّوا بِالْغَارِ، فَرَأَوْا عَلَى بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ، فَقَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ"، لكن ابن عباس لم يذكر أي شيء عن الحمامتين.
اظهار أخبار متعلقة
قصة الحمامتين
ووردت قصة الحمامتين في حديث ضعفه الإمام الألباني، إذ يروى أنه ليلة الغار أمر الله عز وجل شجرة فخرجت في وجه النبي صلى الله عليه وسلم تستره وإن الله عز وجل لبعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا تدفان (وفي نسخة ترفان) حتى وقعتا بين العنكبوت وبين الشجرة فأقبل فتيان قريش من كل بطن رجل معهم عصيهم وقسيهم وهراواتهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على قدر مائتي ذراع قال الدليل سراقة بن مالك المدلج انظروا هذا الحجر ثم لاأدري أين وضع رجله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الفتيان إنك لم تخطر منذ الليلة أثره حتى إذا أصبحنا قال انظروا في الغار فاستقدم القوم حتى إذا كانوا على خمسين ذراعا نظر أولهم فإذا الحمامات فرجع قالوا ما ردك أن تنظر في الغار قال رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد فسمعها النبي صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله عز وجل قد درأ عنهما بهما فسمت عليهما فأحرزهما الله تعالى بالحرم فأفرجا كل ما ترون.
اظهار أخبار متعلقة
العنكبوت
ومن ثمّ لا يذكر المؤرخون أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أقام في غار ثور عششت عليه العنكبوت ووقعت الحمامة على غصن شجرة وهذا كذب لا صحة له، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أعمى الله أبصارهم عنه ولهذا قال أبو بكر: «يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى قدمه لأبصرنا» لأنه لا يوجد مانع، فالعنكبوت والحمامة لا صحة لذكرهما عند اختفاء النبي صلى الله عليه وسلم في غار ثور، ولهذا يحترم كثير من الناس العنكبوت، يقول: لا تقتلها؛ لأنها عششت على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الوزغ يُقتل، لأنه كان ينفخ في النار على إبراهيم فهذه تكرم فنقول: لا، العنكبوت تقتل إذا آذت مثل غيرها.