يعود تعرض العبد لما يمكن ان نطلق عليه ثقل الطاعات والتكاسل عن أداء العبادات خصوصا السنن المؤكدة والنوافل بحسب أراء الكثير من العلماء إلي أن "التكليف عادة ثقيلة على النفس، خاصة أن النفس البشرية مجبولة على حب التفلّت وعدم الانضباط، وعلى أن تأتي شهواتها دون تكليف أو ضوابط أو حدود، وقد عرّف العلماء التكليف بأنه هو ما فيه كلفة، أي مشقة".
وتختلف الأسباب فيما يتعلق تذوق العبادة أو استثقالها، منها مستوى الإيمان، ودرجة الانشغال بالدنيا، وإدراك مقصد العبادة، والصحبة إذا ما كانت صالحة أو صحبة سوء، وغير ذلك
العديد من العلماء أوضحوا في هذا السياق مستوى الإيمان يلعب دورا في كون العبادة ثقيلة أو خفيفة على النفس، لذا فإن أثقل صلاة على المنافقين الفجر والعشاء بينما المؤمن قد يجد راحته ومتعته في الصلاة، من هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جعلت قرة عيني في الصلاة"، وكان عندما يأمر بلال بن رباح للأذان يقول: ""ارحنا بها يا بلال"،
فمثلا كان الصحابة في دليل علي حب أداء العبادة يتمنون أن يكون العام كلّه رمضان لاستشعارهم لذة الطاعة فيه، فكلما ارتفع منسوب الإيمان عند الفرد فهو يقبل بشغف على العبادة، وبينما تفتر همته إذا قل مستواه الإيماني
ومن الثابت أنه في بعض الأحيان نشعر بثقل عند تأدية الطاعات وذلك لأننا بشر, المسلم بشر, لم يخرج بإسلامه عن حد البشرية إلي الملائكية, هذا هو وصف البشر, " ألا إن لكل شرة فترة" كل شيء له درجة حرارة عالية, فإنها تخف بعد ذلك, لكن الذي يجب علينا فعله هو أننا نجعل شرتنا لله وفترتنا لله أيضا, وذلك أننا لا نترك الفروض ، فأنا أصوم رمضان وأصوم الاثنين والخميس, وتركت الاثنين والخميس ، ولكن لا أترك رمضان ، أنا أصلي الفروض وأصلي السنن تركت السنن ولكني لا أترك الفروض ..
وفي هذا السياق قال استدل الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف علي المعاناة من ثقل العبادة والطاعات بما روي عن الأعرابي الذي جاء إلي رسول الله وقال له: يا رسول الله, ماذا أفعل؟ قال له:" صل خمسا, وصم رمضان, , حج كذا". قال: هل علي غيرهن؟ قال: "لا". قال: والله لا أزيد ولا أنقص. فقال: " أفلح وأبيه إن صدق".
واستمر رسول الله بحسب جمعة في الحديث :لو كان سيصدق أنه سيمسك علي هذا الحد الأدنى فإنه قد أفلح ، فأنا أريد أن أمسك ولو علي الحد الأدنى, فإذا أمسكت علي الحد الأدنى فتكون فترتي, الحد الأدنى هو الفترة, وهو ذهاب الحرارة مع ذهاب بعض الدفء في الشيء ودفء الإيمان موجود, ولكن الغليان قد ذهب, ليست هناك درجة 100 ولكن 36 أو 30 ،فهذا الشعور إذن شعور طبيعي جدا يحدث لكل الناس, الولي والتقي والعامي ..
ومضي مفتي الديار المصرية السابق للقول :، وهذا الشعور- ولأنه متعلق بالإنسانية- علينا أن نوجهه بذلك, ولا نيأس ولا نحبط ولا أي شيء ، ففترة شعوري بفتور عزيمتي يجب ألا أترك الفروض ثم بعد الفتور نبدأ صفحة جديدة نجتهد وهكذا.. ويستمر علي ذلك شهرا أو أثنين أو ثلاثة أو أربعة ، ثم يجد نفسه قد فتر مرة أخري ، وهذه هي طبيعة الإنسان فليبدأ مرة أخري ، وثالثة ، وعاشرة ،وألف .. ليس هذا نفاقا, كيف يكون نفاقا وأنت في قلبك مهموم حزين.
اقرأ أيضا:
آية قرآنية تكشف لك سر قوتك وتهون عليك كابوس الموت ومن البديهي هنا الإشارة إلي أن المنافق ليس مؤمنا بشئ ، فهو يمثل أمام الناس أنه تقي, وهو بداخله لا يوجد أي شيء ؛ هذا هو النفاق ، أما وقد وجدت في نفسك حزنا علي ما فاتك من خير فأنت علي خير, يقول الله - عز وجل في كتابه العزيز -: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ" فإذًا الله سبحانه وتعالى كريم, وعلينا ألا نيأس إطلاقا من هذا الوضع