العدل صفة يحبها الله تعالى ورسوله بل هي سمة الدين وسمة رب العالمين فهو سبحانه وتعالى العدل وقوله العدل وحكمه العدل.
ولا يتصور صلاح أمة لا يقام فيها العدل فالعدل هو الباب الرئيس لاستقرار الأمور وبدونه يحل الظلم وتحل معه الخلافات والنزاعات والاختلاف الذي مؤداه للفشل، قال تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم.. " .
العدل ينجي صاحبه في الدنيا والآخرة:
والعدل هو سبب النجاة في الدنيا بحب الناس وعدم الوقوع في الظل كما انه سبب النجة فيالآخرة لأن اله تعال يحب من يقين=م العدل بين الناس حتى ولو كانوا غير مسلمين ويكفي أن النبي صلى الله عليه وسلم عدَّ العدل من المنجيات حين قال: " وأما المنجيات: فالعدل في الرضا والغضب.."
ولما كان العدل بهذه المكانة السامية والمنزلة العالية والمكانة الرفيعة، رأينا الشريعة المطهرة تأمر به وتُعلي من شأنه وتحث عليه.
العدل مطلب إلهي:
والله تعالى هو العدل وبه أمر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (النساء:135)، وقال عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}(المائدة:8).
وفي نصٍ كُلِّي جامع يقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}(النحل:90).
صور العدل:
وللعدل صور كثيرة يمكن تطبيقها في حياة الناس ويكفي هنا الإشارة لأهم هذه الصور التي يغلب وقع الظلم فيها وبهذا تفسد العلاقات ولهذا أشير بإيجاز لأهم الصور التي ينبغي الحرص على إقامة العدل فيها وهي العدل في الحكم بين المتخاصمين لحل النزاع بينهم وهنا يتوجب إقامة العدل ولا يميل القاضي لأحد الطرفين على حساب الآخر فإن فعل كان ظالمًا قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا حكمتم فاعدلوا..، ويقول صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به ، ورجل عرف الحق فجار في الحكم ، فهو في النار..".
العدل بين الزوجات:
ومن هذه الصور العدل بين الزوجات لمن تزوج بأكثر من زوجة فقد حذر النبي صَلى الله عليه وسلم من ترك العدل بين الزوجات: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهنَّ جاء يوم القيامة وشِقُّه مائل". وقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُفضِّل بعضنا على بعض في القَسْم من مُكثه عندنا". وعنها رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل، ويقول: "اللهم هذا قَسْمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك".
العدل بين الأولاد:
أيضا من صوره على نطاق الأسرة عدل الوالدين في العطية بين الأولاد فلما جاء والد النعمان بن بشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهده على عطيته للنعمان من ماله قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فكل بنيك نحلت مثل الذي نحلت النعمان؟" قال: لا، قال: "فأَشْهِد على هذا غيري" قال: "أليس يسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟" قال: بلى، قال: "فلا إذاً".
ثمرات العدل:
وللعدل ثمرات كثيرة منها فيكفي أن الله يحب من يقيمه قال تعالى إن الله يحب المقسطين، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم وعد من يقيم العدل في الرعية التي استرعاه الله إياها بانه من الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله ففي الحديث يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم بل أولهم : "إمامٌ عادل". وقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من يعدلون في ولايتهم بالمكانة العالية والمنزلة الرفيعة عند الله تعالى حين قال: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن -عز وجل- وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا". ووعدهم النبي صلى الله عليه وسلم بإجابة دعوتهم إن عدلوا في حكمهم وسياستهم لرعيتهم: " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم.