كان محمد هو أشهر أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وتسميةَ نبينا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الِاسْم بسبب ما اشْتَمَل عَلَيْهِ مِن مُسَمَّاهُ وَهُوَ الْحَمد، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَحْمُودٌ عِنْد الله ومَحْمُودٌ عِنْد مَلَائكَته ومَحْمُودٌ عِنْد الْمُرْسَلِين ومَحْمُودٌ عِنْد أهل الأَرْض كلهم وَإِن كفر بِهِ بَعضهم، فَإِن مَا فِيهِ مِن صِفَات الْكَمَال محمودةٌ عِنْد كل عَاقل، وَإِن كَابَرَ عَقله، وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اخْتصَّ مِن مُسَمَّى الْحَمد بِمَا لم يجْتَمع لغيره، فَإِن اسْمه مُحَمَّد وَأحمد وَأمته الْحَمَّادُونَ، يـَحْمَدُونَ اللهَ على السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَصَلَاة أمته مفتتحة بِالْحَمْد وخطبته مفتتحة بِالْحَمْد، وَكتابه مفتتح بِالْحَمْد، هَكَذَا عِنْد الله فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ .
قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾ [الْإِسْرَاء: 79 ].
وجعل الله تعالى الصلاة على النبي فرضا في القرآن، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
وصَلاَةُ اللَّهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ المَلاَئِكَةِ، وَصَلاَةُ المَلاَئِكَةِ الدُّعَاءُ؛ (الملائكةُ تطلبُ مِنَ اللَّه الزيادة مِن ثنائه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم).
ومَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: تَعْظِيمُهُ، فَمَعْنَى قَوْلِنَا: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ)؛أيْ: عَظِّمْ مُحَمَّدًا، وَالْمُرَادُ تَعْظِيمُهُ فِي الدُّنْيَا بِإِعْلَاءِ ذِكْرِهِ، وَإِظْهَارِ دِينِهِ، وَإِبْقَاءِ شَرِيعَتِهِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِإِجْزَالِ مَثُوبَتِهِ وَتَشْفِيعِهِ فِي أُمَّتِهِ.
اقرأ أيضا:
ديونك كثيرة ولا تستطيع السداد.. الزم هذه الأذكار تستجلب معونة الله لكقال الإمَامُ ابنُ القيم (رَحِمَهُ اللهُ): معنى صلاة اللَّه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم، والعناية به، وإظهار شرفه، وفضله وحرمته، وصلاتنا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: تعني أننا نطلب مِنَ اللَّه الزيادة في ثنائه عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلموإظهار فضله وشرفه وتكريمه وتقريبه له.
ومعنى التسليم على محمد السلام الذي هو اسْمٌ مِن أسماء اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومعنى التسليم أيضًا: لا خَلَوتَ يا محمد مِنَ الخيرات والبركات، وَسَلِمتَ مِنَ المكاره والآفات والنقائص، فعندما نقول: اللَّهُمَّ سَلِّم على محمد، فإنها تعني: اللَّهُمَّ اكتب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة مِن كل نقص.
والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم بالغ عاقل، مرة واحدة في العُمُر، ومَا عدا ذلك فهي سُنَّةٌ مُستحبةٌ.
وجَاءَ في فَضْلِ الصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، منها ما روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا؛ و روى النَّسَائيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صلى الله عليه وسلم مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحُطَّتْ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَتْ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ.
وروى النَّسَائيُّ عَن عَبْدِ اللهِ بن مسعود أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ.
و روى أبو داود عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ:صلى الله عليه وسلمإِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ يَقُولُونَ بَلِيتَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ.
و روى الطبراني عَن أبي الدرداء أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ صَلَّى عَلَيَّ حِينَ يُصْبِحُ عَشْرًا وَحِينَ يُمْسِي عَشْرًا أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وروى الترمذيُّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْب قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ، اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ، قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: مَا شِئْتَ، قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا، قَالَ: إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ؛ (حديث حسن)، (صحيح الترمذي للألباني - حديث 1999).
وروى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ؛ (حديث صحيح).
ثـمرات الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
1) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم امتثالٌ لأمر اللَّه تعالى في القرآن الكريم.
2) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سببٌ الحسنات ورفع الدرجات ومحو السيئات.
3) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سببٌ شفاعته يوم القيامة لمن يصلي عليه.
4) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سببٌ لقرب المسلم من النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
5) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سببٌ لصلاة اللَّه والملائكة على المسلم.
6) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سببٌ لإجابة الدعاء.
7) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سببٌ لمغفرة الذنوب وجلاء الهموم.
8) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سببٌ لطيب المجلس.
9) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تنفي عن قائلها صفة البخل.
10) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سببٌ لدوام محبة قائلها للنبي صلى الله عليه وسلم وزيادتها.
11) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، متضمنةٌ لِذِكْر اللَّهِ وشُكْره، ومَعرفة نِعمه على عِباده بإرساله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهداية الناس.
12) الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سببٌ للبركة في ذات المصلي وعُمُره وعمله وأسباب مصالحه؛ (جلاء الأفهام لابن القيم - صـ612: 626).